سبب النّزول
تبيّن الآيات المباركة عتاب الله تعالى بشكل إجمالي ، لشخص قدّم المال والمكانة الإجتماعية على طلب الحق ... أمّا مَن هو المعاتَب؟ فقد اختلف فيه المفسرون ، لكن المشهور بين عامّة المفسرين وخاصتهم ، ما يلي :
إنّها نزلت في عبد الله بن ام مكتوم ، وذلك أنّه أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يناجي عتبة بن ربيعة ، وأبا جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب ، وابيّاً واميّة إبني خلف ، يدعوهم إلى الله ، ويرجو إسلامهم. فقال : يا رسول الله! أقرئني وعلمني ممّا علمك الله ، فجعل يناديه ويكرر النداء ، ولا يدري أنّه مشتغل مقبل على غيره ، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله لقطعه كلامه ، وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد ، إنّما أتباعه العميان والعبيد ، فأعرض عنه ، وأقبل على القوم الذين يكلمهم ، فنزلت الآيات. وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد ذلك يكرمه (١).
والآية لم تدل صراحة على أنّ المخاطب هو شخص النبي الكريم صلىاللهعليهوآله ، وعلى فرض صحة شأن النزول آنفة الذكر ، فإنّ فعل النبي صلىاللهعليهوآله والحال هذه لا يخرج من كونه (تركاً للأولى) ، وهذا ما لا ينافي العصمة.
التّفسير
عتاب ربّاني : بعد أن تحدثنا حول شأن نزول الآيات ، ننتقل إلى تفسيرها :
يقول القرآن أوّلاً : (عَبَسَ وَتَوَلَّى).
لماذا؟ : (أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) ، ويطلب الإيمان والتقوى والتزكية.
(أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذّكْرَى) ، فإن لم يحصل على التقوى ، فلا أقل من أن يتذكر ويستيقظ من الغفلة ، فينفعه ذلك.
ويستمر العتاب ... : (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى) ، مَن اعتبر نفسه غنياً ولا يحتاج لأحد.
(فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى) ، تتوجّه إليه ، وتسعى في هدايته ، في حين أنّه مغرور لما أصابه من الثروة ، والغرور يولّد الطغيان والتكبر.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ١٠ / ٢٦٥.