الإمام الباقر عليهالسلام عن معنى الآية ، قال : هو من قتل في مودّتنا وولايتنا (١).
ولا شك أنّ التفسير الأوّل ينسجم مع ظاهر الآية ، ولكن المفهوم والملاك قابلان للتوسع والشمول.
(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ) (١٤)
يوم يرى الإنسان ما قدّم : فبعد مرحلة الفناء العام ، تأتي مرحلة الظهور الجديد للعالم ، لتقام محكمة العدل الإلهي ، ومن معالم هذه المرحلة : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ).
فستنشر الصحف التي دوّنت فيها أعمال الناس من قبل الملائكة وكل سيعرف جزاءه بعد الإطّلاع على صحيفة أعماله ، كما تشير إلى ذلك الآية (١٤) من سورة الإسراء : (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا).
وسيكون نشر الصحف أمام الملأ العام لتقرّ عيون المحسنين سروراً ، ويقاسي المسيؤون العذاب النفسي.
ثم يضيف : (وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ).
«كشطت : من الكشط على وزن (كشف) ، بمعنى قلع جلد الناقة.
وما يراد من كشطت في الآية ، هو : رفع الحجب الفاصلة بين العالمين الدنيوي والعلوي ، التي تمنع رؤية الناس للملائكه أو الجنة والنار ، فيرى الإنسان حينها عالم الوجود شاخصاً أمام ناظريه شخوصاً حقيقياً.
فالآية قد تحدثت عن المرحلة الثانية للقيامة ؛ مرحلة ما بعد البعث.
ويتأكد ذلك بوضوح من خلال الآية : (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعّرَتْ).
فجهنّم موجودة في كل الأوقات ، ولكن حجب الدنيا هي المانعة من رؤيتها ، فالآية على سياق الآية (٤٩) من سورة التوبة : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ). وكما أنّ جهنم موجودة فالجنة كذلك بدلالة آيات قرآنية كثيرة.
ويبيّن البيان القرآني بذات السياق السابق : (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ).
__________________
(١) تفسير علي بن إبراهيم ٢ / ٤٠٧.