التكذيب الذي يوقع الإنسان في ألوان من الذنوب ، ومنها التطفيف والظلم.
(الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (١٧)
بعدما ذكرت آخر آية من الآيات السابقة مصير المكذّبين ، تأتي الآيات أعلاه لتشرح حالهم ، فتقول : (الَّذِينَ يُكَذّبُونَ بِيَوْمِ الدّينِ) ، وهو يوم القيامة.
وتقول أيضاً : (وَمَا يُكَذّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ).
فإنكار القيامة لا يستند على المنطق السليم والتفكير الصائب والإستدلال العقلي ، بل هو نابع من حبّ الإعتداء وارتكاب الذنوب والآثام (الصفة المشبهة أثيم تدل على استمرار الشخص في ارتكاب الذنوب).
وتشير الآية التالية للصفة الثالثة لمنكري المعاد ، فتقول : (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِءَايَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
فبالاضافة لكون منكر المعاد معتدٍ وأثيم ، فهو من الساخرين والمستهزئين بآيات الله ، ويصفها بالخرافات البالية ، وما ذلك إلّامبرر واهٍ لتغطية تهربه من مسؤولية آيات الله عليه.
ولم تختص الآية المذكورة بذكر المبررات الواهية لُاولئك الضالّين المجرمين فراراً من الإستجابة لنداء الدعوة الربانية ، بل ثمّة آيات اخرى تناولت ذلك ؛ منها الآية (٥) من سورة الفرقان : (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً).
ويعرّي القرآن مرّة اخرى جذر طغيانهم وعنادهم ، بالقول : (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
فازيل عنها ما جعل الله فيها من نور الفطرة الاولى وذهب صفائها ، ولذا .. فلا يمكن لتلك القلوب التعسة من أن تتقبل نفوذ أنوار الوحي الإلهي إلى دواخلها.
«ران : من الرين على وزن (عين) ، وهو : الصدأ يعلو الشيء الجليل.
وفي الدر المنثور عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : إنّ العبد إذا أذنب ذنباً نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه ، وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكر الله في