القرآن : (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
ويستمر البيان القرآني : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ).
وهو أشدّ ما سيعاقبون به ، مثلما منزلة اللقاء بالله ودرجة القرب منه هي من أعظم نعم الأبرار والصالحين وأكثرها لذةً واستئناساً.
و : (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ).
فدخولهم جهنم نتيجة طبيعية لاحتجابهم عن الله تعالى وأثر لازم له ، ومما لا شك فيه إنّ لهيب الحرمان من لقاء الله أشدّ إيلاماً وإحراقاً من نار جهنم.
وتقول الآية التالية : (ثُمَّ يُقَالُ هذَا الَّذِى كُنتُم بِهِ تُكَذّبُونَ).
يقال لهم ذلك توبيخاً ولوماً لزيادة تعذيبهم روحياً ، وهو ما ينتظر كل من عاند الحق وتخبط في متاهات الضلال.
(كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) (٢٨)
علّيّون في انتظار الأبرار : بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن الفجّار وكتابهم وعاقبة أمرهم ، ينتقل الحديث في هذه الآيات للطرف المقابل لهؤلاء ، فتتحدث عن الأبرار الصالحين وما سيؤلون إليه من حسن مآب ، ويبدأ الحديث بالقول : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِى عِلّيِّينَ).
«عليّين : جمع (عليّ) على وزن (ملّي) ، وهو المكان المرتفع ، أو الشخص الجالس في مكان مرتفع ، ويطلق أيضاً على ساكني قمم الجبال.
فما عرضناه بخصوص تفسير سجّين يصدق على عليّين أيضاً ، بقولين :
الأوّل : أنّ المقصود من كتاب الأبرار هو صحيفة أعمال الصالحين والمؤمنين ، فجميع الأعمال تجمع في هذا الديوان العام ، وهو ديوان عالي المقام وشريف القدر.
الثاني : أنّ صحيفة أعمال الأبرار تكون في أشرف مكان ، أو في أعلى مكان في الجنة ،