وتأتي الآية التالية لتقول : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذّبُونَ).
والتعبير عن ممارسة تكذيب الكافرين في الآية بصيغة المضارع المستمر ، للإشارة إلى تكذيبهم المتعنت المستمر واصرارهم ولجاجتهم وليس تكذيبهم بسبب ضعف أدلة الحق.
وببيان جدّي وتهديد جدّي ، تقول الآية التالية : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ).
فالله تعالى أعلم بدافع ونيّة وهدف ذلك التكذيب ، ومهما تستروا على ما فعلوا فلا يجزون إلّابما كسبت أيديهم.
ثم ... : (فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
عادةً ما تستعمل البشارة للأخبار السارة ، وجاءت هنا لتنم عن نوع من الطعن والتوبيخ.
والحال ، إنّ البشارة الحقّة للمؤمنين خالصة بما ينتظرهم من نعيم ، وما للكاذبين إلّاالغرق في بحر من الحسرة والندم ، وما هم إلّافي عذاب جهنم يخلدون.
ويستثني المؤمنون من تلك البشرى المخزية : (إِلَّا الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ).
«ممنون : من المنّ وهو القطع والنقصان ، (ومنه المنون بمعنى الموت).
وإذا ما جمعنا كل هذه المعاني ، فستكون النعم الاخروية على عكس الدنيوية الناقصة والمنقطعة والمقترنة بمنّة هذا وذاك ، حيث إنّها لا تنقطع ولا تنقص وليس فيها منّة.
أمّا الإستثناء الذي ورد في الآية السابقة ، ففيه بحث : هل أنّه متصل أو منقطع؟
والأقرب لسياق الآيات أن يكون الإستثناء متصلاً ، وفي هذه الحال يكون هدفه فتح الطريق أمام الكفار للعودة وتشجيعهم على ذلك ، لأنّ الآية تقول : إنّ العذاب الأليم المذكور في الآية السابقة سوف لا يصيب مَن يؤمن منهم ويعمل صالحاً وعلاوة على ذلك ، سيكون له أجر غير ممنون.
|
نهاية تفسير سورة الإنشقاق |
* * *