بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ) (١٠)
تبتدأ السورة ـ كمثيلاتها من سور الجزء الأخير من القرآن الكريم ـ بعدّة أقسام بليغة تبعث على التأمل ، وهي مقدمة لبيان أمر مهم.
(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) .. (وَمَا أَدْرَيكَ مَا الطَّارِقُ) .. (النَّجْمُ الثَّاقِبُ).
«الطارق : من (الطرق) وهو الضرب ، ولهذا قيل (الطريق) لما تطرقه أرض المشاة.
ويفسّر القرآن الكريم الطارق بقوله : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ). النجم اللامع الذي مع علوّه الشاهق وكأنّه يريد أن يثقب سقف السماء ، وكأنّ نوره المتشعشع يريد أن يثقب ستار الليل الحالك ، فيجلب الأنظار بميزته هذه.
ولنرى لأي شيء كان هذا القسم : (إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ).
يحفظ عليه أعماله ، وتسجل كل أفعاله ، ليوم الحساب.
فلا تظنوا بأنّكم بعيدون عن الأنظار ، بل أينما تكونوا فثمّة عليكم ملائكة مأمورين يسجلون كل ما يبدر منكم .. وهذا ما له الأثر البالغ في عملية إصلاح وتربية الإنسان.
ثم يستدل القرآن الكريم على المعاد في مقابل من يقول باستحالة المعاد : (فَلْيَنظُرِ الْإِنسنُ مِمَّ خُلِقَ).
وبهذا ... أخذ القرآن الكريم بأيدي الجميع وأرجعهم إلى أوّل خلقهم ، مستفهماً عمّا خلق منه الإنسان.
وبدون أن ينتظر الجواب من أحد يجيب القرآن على استفهامه : (خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ). وهو ماء الرجل الذي تسبح فيه الحيامن ، ويخرج بدفق.
ويستمر في تقريب المراد : (يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ).
«الصلب : الظهر ؛ والترائب : جمع (تريبة) ، وهي عظام الصدر العليا وضلوعه.
فالآيات تشير إلى ماء الرجل دون المرأة ، بقرينة ماء دافق ، وهذا لا يصدق إلّاعلى