الرجل ، وعليه يعود الضمير في يخرج.
والصلب والترائب هما ظهر الرجل وقسمه الأمامي ، لأنّ ماء الرجل إنّما يخرج من هاتين المنطقتين.
وهذا التفسير واضح ، ينسجم مع ما ورد في كتب اللغة بخصوص المصطلحين.
كما ويمكن أن تكون الآية قد أشارت إلى حقيقة علمية مهمة لم يتوصل إلى اكتشافها بعد ، وربّما المستقبل سيكشف ما لم يكن بالحسبان.
ونصل مع القرآن إلى نتيجة ما تقدم من الذكر الحكيم : (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ).
فالإنسان تراباً قبل أن يكون نطفة ، ثم مرّ بمراحل عديدة مدهشة حتى أصبح إنساناً كاملاً ، وليس من الصعوبة بحال على الخالق أن يعيد حياة الإنسان بعد أن نخرت عظامه وصار تراباً ، فالذي خلقه من التراب أوّل مرّة قادر على إعادته مرّة اخرى.
وتصف لنا الآية التالية ذلك اليوم الذي سيرجع فيه الإنسان : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ).
«تبلى : من البلوى ، بمعنى الإختبار والإمتحان ، وهو هنا الظهور والبروز ، لأنّ الإمتحان يكشف عن حقيقة الأشياء ويظهرها.
«السرائر : جمع (سريرة) ، وهي صفات ونوايا الإنسان الداخلية.
نعم ، فأسرار الإنسان الدفينة ستظهر في ذلك اليوم ، يوم البروز ويوم الظهور ، فسيظهر على الطبيعة كل من : الإيمان ، الكفر ، النفاق ، نيّة الخير ، نيّة الشر ، الإخلاص ، الرياء ...
وسيكون ذلك الظهور مدعاة فخر ومزيد نعمة للمؤمنين ، ومدعاة ذلّة ومهانة وحسرة للمجرمين ...
وما أشد ما سيلاقي من قضى وطراً من عمره بين الناس بظاهر حسن ونوايا خبيثة. وما أتعسه حينما تهتك أقنعته المزيفة فيظهر على حقيقته أمام كل الخلائق.
ولكن أشدّ صعاب ذلك اليوم على الإنسان : (فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ).
فلا يملك تلك القوّة التي تخفي أعماله ونيّاته ، وليس له ذلك الظهير الذي يعينه عن الخلاص من عذاب الله سبحانه وتعالى.
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١٧)