بعد أن تضمّنت الآيات السابقة استدلالاً على المعاد ، بطريق توجيه الإنسان إلى بداية خلقه ، تعود هذه الآيات إلى المعاد مرّة اخرى ، لتشير إلى بعض الأدلة الاخرى عليه فتقول : (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) ... (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ) ... (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) ... (وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ).
«الرجع : من الرجوع بمعنى العود ، ويطلق على الأمطار اسم (الرجع) لأنّها تبدأ من مياه الأرض والبحار ، ثم تعود إليها تارة اخرى عن طريق الغيوم.
فالقسمان يشيران إلى إحياء الأراضي الميتة بالأمطار ، وهذا ما تكرر ذكره في القرآن الكريم كدليل على إمكانية المعاد ، كما في قوله تعالى في الآية (١١) من سورة ق : (وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذلِكَ الْخُرُوجُ).
وتسلّي الآيات التالية قلب النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين من جهة ، وتتوعد أعداء الإسلام من جهة اخرى : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا).
فالكفار يخططون من جهة ، وأنا أخطط لإحباط تلك الخطط من جهة اخرى .. (وَأَكِيدُ كَيدًا. فَمَهّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا) ، حتى يروا عاقبتهم.
نعم ، إنّهم دوماً يكيدون في حربك والحرب ضد دينك.
فتارة بالإستهزاء ...
واخرى بالحصار الإقتصادي ...
ومرّة بتعذيب المؤمنين ...
ويقولون عنك : ساحراً ، كاهناً ، مجنوناً ...
ويقولون لك : أبعد الفقراء والمستضعفين عنك حتى نتّبعك
ومراد الآية هو كيد الأعداء ، وقد تعرضنا لبعض نماذجه أعلاه.
والمقصود بالكيد الإلهي إنّه تلك الألطاف الإلهية التي غمرت النبي صلىاللهعليهوآله ومن معه من المؤمنين ، وما كان يصيب أعداء الإسلام من فشل مخططاتهم وخيبة مساعيهم.
هذه الآية درس للمسلمين في الكيفية التي ينبغي العمل بها عند مواجهة أعداءهم ، وخصوصاً ماإذا كانوا أعداءً أقوياء ، فلابدّ من الصبر والتأنّي والدقّة في حساب خطوات المواجهة ، وينبغي عدم التسرع في العمل ، وكذا عدم تنفيذ القرارات غير المدروسة.
|
نهاية تفسير سورة الطّارق |
* * *