بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (٥) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (٦) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (١٠)
أكبر عدد من القَسم القرآني تتضمّنه هذه السورة ، هو في حساب أحد عشر ، وفي حساب آخر سبعة أقسام ... ويبيّن أنّ السورة تتعرض لموضوع خطير هام .. موضوع عظيم كعظمة السماء والأرض والشمس والقمر ... موضوع حياتي مصيري.
لنبدأ أوّلاً بشرح ما جاء في السورة من قَسم ، لنتعرض بعد ذلك إلى موضوع الآية الاولى تقول : (وَالشَّمْسِ وَضُحهَا).
ولقد ذكرنا آنفاً أنّ القسم في القرآن يستهدف مقصدين :
الأوّل : بيان أهميّة ما جاء القَسم من أجله.
والثاني : أهمية ما أقسم به القرآن ، لأنّ القسم عادة يكون بالمهم من الامور.
«الشمس : ذات دور هام وبنّاء جدّاً في الموجودات الحية على ظهر البسيطة فهي إضافة إلى كونها مصدراً للنور والحرارة ـ وهما عاملان أساسيان في حياة الإنسان ـ تعتبر مصدراً لغيرهما من المظاهر الحياتية ، حركة الرياح ، وهطول الأمطار ، ونمو النباتات ، وجريان الأنهار والشلالات ، بل حتى نشوء مصادر الطاقة مثل النفط والفحم الحجري ... كل واحد منها يرتبط ـ بنظرة دقيقة ـ بنور الشمس.
ولو قُدر لهذا المصباح الحياتي أن ينطفيء يوماً لساد الظلام والسكوت والموت في كل مكان.
«الضحى : في الأصل انتشار نور الشمس ، وهذا ما يحدث حين يرتفع قرص الشمس عن الافق ويغمر النور كل مكان ، ثم يطلق على تلك البرهة من اليوم اسم الضحى.
والقسم الثالث بالقمر : (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلهَا). وهذا التعبير إشارة إلى القمر حين يكتمل ويكون بدراً كاملاً في ليلة الرابع عشر من كل شهر ، ففي هذه الليلة يطل القمر من افق المشرق متزامناً مع غروب الشمس. فيسطع بجماله النّير ويهيمن على جوّ السماء ، ولجماله