جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ).
وعبارة (أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) عبارة قارعة مثيرة ، تعني أنّه لا يوجد بين الأحياء وغير الأحياء موجود أضل واسوأ من الذين تركوا الطريق المستقيم بعد وضوح الحق وإتمام الحجّة ، وساروا في طريق الضلال.
تقديم ذكر أهل الكتاب على المشركين في هذه الآية أيضاً ، قد يعود إلى ما عندهم من كتاب سماوي وعلماء ومن صفات صريحة لنبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآله في كتبهم ، لذلك كانت معارضتهم أفظع وأسوأ.
الآية التالية تذكر المجموعة الثانية ، وهم المؤمنون وتقول : (إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ).
والآية التي بعدها تذكر جزاء هؤلاء المؤمنين ، وما لهم عند الله من مثوبة : (جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ).
عبارة (أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) تبيّن بجلاء أنّ الإنسان المؤمن ذا الأعمال الصالحة أفضل من الملائكة ، فعبارة الآية مطلقة وليس فيها استثناء والآيات الاخرى تشهد على ذلك أيضاً ، مثل آية سجود الملائكة لآدم ، ومثل قوله سبحانه : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىءَادَمَ) (١).
إنّهم راضون عن الله لأنّ الله أعطاهم ما أرادوه ، والله راض عنهم لأنّهم أدّوا ما أراده منهم ، وإن كانت هناك زلة فقد غفرها بلطفه وكرمه ، وأيّة لذة أعظم من أن يشعر الإنسان أنّه نال رضا المحبوب ووصاله ولقاءه.
نعم ، نعيم جسد الإنسان جنات الخلد ، ونعيم روحه رضا الله ولقاؤه ، لأنّ هذه الخشية دافع للحركة صوب كل طاعة وتقوى وعمل صالح.
بحث
علي عليهالسلام وشيعته خير البريّة : ثمّة روايات كثيرة بطرق أهل السنّة في مصادرهم الحديثية المعروفة ، وهكذا في المصادر الشيعية ، فسّرت الآية : (أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) بأنّهم علي بن أبي طالب عليهالسلام وشيعته.
__________________
(١) سورة الإسراء / ٧٠.