ومطهرّة : أي طاهرة من كل ألوان الشرك والباطل ، ومن تلاعب شياطين الجن والإنس ، كما جاء في الآية (٤٢) من سورة فصّلت : (لَّايَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ).
ثم يتوالى التقريع لأهل الكتاب ، ومن بعدهم للمشركين ، لأنّهم اختلفوا في الدين الجديد ، منهم مؤمن ومنهم كافر ، بينما : (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَوةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَوةَ).
ثم تضيف الآية القول : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
والمقصود هو : إنّ دين الإسلام ليس فيه سوى التوحيد الخالص والصلاة والزكاة وأمثالها من التعاليم. وهذه امور معروفة فلماذا يعرضون عنها.
المقصود ب الدين هو مجموع الدين والشريعة ، أي إنّهم امروا أن يعبدوا الله وأن يخلصوا له الدين والتشريع في جميع المجالات.
جملة (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) إشارة إلى أنّ الاصول المذكورة في الآية وهي : التوحيد الخالص ، والصلاة (الإرتباط بالله) والزكاة (الإرتباط بالنّاس) من الاصول الثابتة الخالدة في جميع الأديان ، بل إنّها قائمة في أعماق فطرة الإنسان ، ذلك لأنّ مصير الإنسان يرتبط بالتوحيد ، وفطرته تدعوه إلى معرفة المنعم وشكره ، ثم إنّ الروح الإجتماعية المدنية للإنسان تدعوه إلى مساعدة المحرومين.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (٨)
خير البريّة وشرّها : الآيات السابقة تحدثت عن انتظار أهل الكتاب والمشركين لبيّنة تأتيهم من الله ، لكنّهم تفرقوا من بعدما جاءتهم البيّنة.
هذه الآيات تذكر مجموعتين من الناس مختلفتين في موقفهما من الدعوة كافرة ومؤمنة تذكر الكافرين أوّلاً بالقول : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِى نَارِ