هذه السورة تبدأ ببيان صور من الأحداث الهائلة المفزعة التي ترافق نهاية هذا العالم وبدء البعث والنشور. تقول : (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا).
(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا).
عبارة زلزالها تعني أنّ الأرض بأجمعها تهتز في ذلك اليوم (خلافاً للزلازل العادية الموضعية عادة) أو أنّها إشارة إلى الزلزلة المعهودة ، أي زلزلة يوم القيامة.
والأثقال ـ جمع ثقل ، بمعنى الحمل ـ ذكر لها المفسرون معاني متعددة. قيل : إنّها البشر الذين يخرجون من أجداثهم على أثر الزلزال ؛ كما جاء في الآية (٤) من سورة الإنشقاق : (وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ).
وقيل إنّها الكنوز المخبوءة التي ترتمي إلى الخارج ، وتبعث الحسرة في قلوب عبّاد الدنيا.
ويحتمل أيضاً أن يكون المقصود إخراج المواد الثقيلة الذائبة في باطن الأرض ، وهو ما يحدث أثناء البراكين والزلازل ، فإنّ الأرض في نهاية عمرها تدفع ما في أعماقها إلى الخارج على أثر ذلك الزلزال العظيم.
ويمكن الجمع بين هذه التفاسير.
في ذلك الجو المليء بالرهبة والفزع ، تصيب الإنسان دهشة ما بعدها دهشة فيقول في ذعر : ما لهذه الأرض تتزلزل وتلقي ما في باطنها؟ (وَقَالَ الْإِنسنُ مَا لَهَا).
إنّ الإنسان هنا له معنى عام يشمل كل أفراد البشر. فالدهشة من وضع الأرض في ذلك اليوم لا يختص بالكافرين.
هذا السؤال التعجبي يرتبط بالنفخة الاولى ، حيث تحدث الزلزلة الكبرى وينتهي فيها هذا العالم.
وفي هذه الحالة يكون المقصود من أثقال الأرض معادنها وكنوزها والمواد المذابة فيها.
وأهم من ذلك أنّ الأرض : (يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا).
تحدّث بالصالح والطالح ، وبأعمال الخير والشر ، مما وقع على ظهرها ، وهذه الأرض واحد من أهم الشهود على أعمال الإنسان في ذلك اليوم ، وهي إذن رقيبة على ما نفعله عليها.
وفي المجمع : جاء في الحديث أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : أتدرون ما أخبارها؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، تقول : عمل كذا وكذا ، يوم كذا ، وكذا وهذا أخبارها.