سبب النّزول
المفسرون يعتقدون أنّ السورة نزلت في قبائل كانت تتفاخر على بعضها بكثرة الأموال والأنفس حتى أنّها كانت تذهب إلى المقابر وتعدّ موتاها لترفع احصائية أفراد القبيلة.
سبب النزول ـ مهما كان ـ فهو لا يحد قطعاً معنى الآية.
التّفسير
بلاء التكاثر والتفاخر : الآيات الاولى توجّه اللوم إلى المتكاثرين المتفاخرين وتقول : (أَلْهكُمُ التَّكَاثُرُ). في الأنفس والأموال.
حتى إنّكم ذهبتم إلى المقابر لتستكثروا أفراد قبيلتكم : (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ).
«ألهاكم : من اللهو وهو الإنشغال بالأعمال الصغيرة والإنصراف عن المهام الكبيرة ؛ والتكاثر : يعني التفاخر والمباهاة.
«زرتم : من الزيارة وزَور (على وزن قول) في الأصل بمعنى أعلى الصدر ، ثم استعمل للقاء والمواجهة ؛ المقابر : جمع مقبرة ، وهي مكان دفن الميت. وزيارة المقابر إمّا أن تكون كناية عن الموت ، أو بمعنى الذهاب إلى المقابر وإحصاء الموتى بهدف التكاثر في الأنفس والتفاخر بالعدد (حسب التفسير المشهور).
والمعنى الثاني أصح ، وأحد شواهده كلام لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ـ في الخطبة (٢٢١) نهج البلاغة ـ قاله بعد تلاوته : (أَلْهكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) يا له مراماً أبعده! وزوراً ما أغفله! وخطراً ما أفظعه! لقد استخلوا منهم أيّ مدّكر وتناوشوهم من مكان بعيد! أفبمصارع آبائهم يفخرون! أم بعديد الهلكى يتكاثرون! يرتجعون منهم أجساداً خوت ، وحركات سكنت. ولأن يكونوا عبراً أحق من أن يكونوا مفتخراً.
الآيات التالية فيها تهديد شديد لهؤلاء المتكاثرين ، تقول : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ). فليس الأمر كما ترون ، وبه تتفاخرون ، بل سوف تعلمون عاجلاً نتيجة هذا التكاثر الموهوم.
لمزيد من التأكيد يقول سبحانه : (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ).
وفي المجمع عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام قال : ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ألهاكم التّكاثر ، إلى قوله : كلّا سوف تعلمون ، يريد في القبر ، ثم كلّا سوف تعلمون ، بعد البعث.
(كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ). كلّا ليس الأمر كما تظنون أيّها المتفاخرون المتكاثرون. فلو أنّكم تعلمون الآخرة علم اليقين ، لما اتجهتم إلى التفاخر والمباهاة بهذه المسائل الباطلة.