ولمزيد من التأكيد والإنذار تقول لهم الآيات التالية :
(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ).
(ثُمَّ لَتُسَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ).
في ذلك اليوم عليكم أن توضحوا كيف انفقتم تلك النعم الإلهية ؛ وهل استخدمتموها في طاعة الله أم في معصيته ، أم أنّكم ضيعتم النعمة ولم تؤدّوا حقّها.
إنّ النعيم له معنى واسع جدّاً يشمل كل المواهب الإلهية المعنوية منها مثل : الدين والإيمان والإسلام والقرآن والولاية ، وأنواع النعم المادية الفردية منها والاجتماعية. بيد أنّ النعم التي لها أهمية أكبر مثل : نعمة الإيمان والولاية يُسأل عنها أكثر ، هل أدّى الإنسان حقّها أم لا؟
بحثان
١ ـ منبع التفاخر والتكاثر : من آيات السورة يتبيّن أنّ أحد العوامل الأساسية للتفاخر والتكاثر والمباهات ، هو الجهل بجزاء الآخرة وعدم الإيمان بالمعاد.
كما أنّ جهل الإنسان بضعفه ومسكنته ... ببدايته ونهايته ... من العوامل الاخرى الباعثة على الكبر والغرور والتفاخر.
ثم عامل آخر لهذه الظاهرة هو الإحساس بالضعف وعقدة الحقارة الناتجة عن الفشل. والأفراد الفاشلون من أجل أن يغطوا على فشلهم يلجأون إلى الفخر والمباهات ، ولذلك في الكافي عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : ما من رجل تكبر أو تجبّر إلّالذلة وجدها في نفسه.
٢ ـ اليقين ومراحله : اليقين يقابل الشك. ويستفاد من الروايات أنّ اليقين هو أعلى مراحل الإيمان ، وهي ثلاثة :
أ) علم اليقين : وهو الذي يحصل للإنسان عند مشاهدته الدلائل المختلفة ، كأن يشاهد دخاناً فيعلم علم اليقين أن هناك ناراً.
ب) عين اليقين : وهو يحصل حين يصل الإنسان إلى درجة المشاهدة كأن يرى بعينه مثلاً النار.
ج) حق اليقين : وهو كأن يدخل الإنسان النار بنفسه ويحسّ بحرقتها ، ويتصف بصفاتها.
وهذه أعلى مراحل اليقين ؛ وهو في الحقيقة مؤلف من علمين ، العلم بالمعلوم والعلم بأنّ خلاف ذلك العلم محال.
|
نهاية تفسير سورة التّكاثر |
* * *