نعم ، هناك طريق واحد لا غير لتفادي هذا الخسران العظيم القهري الإجباري ، وهو الذي تبيّنه آخر آيات هذه السورة.
(إِلَّا الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).
بحث
منهج السعادة ذو المواد الأربع : من المهم أن نقف ولو قليلاً عند المنهج الذي وضعه القرآن الكريم للنجاة من ذلك الخسران ... إنّه منهج يتكون من أربعة اصول هي :
الأصل الأوّل : الإيمان وهو البناء التحتي لكل نشاطات الإنسان ، لأنّ فعاليات الإنسان العملية تنطلق من اسس فكره واعتقاده ، لا كالحيوانات المدفوعة في حركاتها بدافع غريزي.
بعبارة اخرى : أعمال الإنسان بلورة لعقائده وأفكاره ، ومن هنا فإنّ جميع الأنبياء بدأوا قبل كل شيء باصلاح الاسس الإعتقادية للُامم والشعوب ، وحاربوا الشرك بشكل خاص باعتباره أساس أنواع الرذائل والشقاوة والتمزق الإجتماعي.
الأصل الثاني : العمل الصالح وهو ثمرة دوحة الإيمان. تقول الآية : (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) لا العبادات فحسب ، ولا الإنفاق في سبيل الله وحده ، ولا الجهاد في سبيل الله فقط ، ولا الإكتفاء بطلب العلم ... بل كل الصالحات التي من شأنها أن تدفع إلى تكامل النفوس وتربية الأخلاق والقرب من الله ، وتقدم المجتمع الإنساني.
ولما كان الإيمان والعمل الصالح لا يكتب لهما البقاء إلّافي ظل حركة اجتماعية تستهدف الدعوة إلى الحق ومعرفته من جهة ، والدعوة إلى الصبر والإستقامة على طريق النهوض باعباء الرسالة ، فإنّ هذين الأصلين تبعهما أصلان آخران هما في الحقيقة ضمان لتنفيذ أصلَي الإيمان والعمل الصالح.
الأصل الثالث : التواصي بالحق أي الدعوة العامة إلى الحق ، ليميز كل أفراد المجتمع الحق من الباطل ، ويضعوه نصب أعينهم ، ولا ينحرفون عنه في مسيرتهم الحياتية.
(الأصل الرابع : التواصي بالصبر) والاستقامة ، إذ بعد الإيمان والحركة في المسيرة الإيمانية تبرز في الطريق العوائق والموانع والسرور. وبدون الاستقامة والصبر لا يمكن المواصلة في إحقاق الحق والعمل الصالح والثبات على الإيمان.
نعم ، إحقاق الحق في المجتمع لا يمكن من دون حركة عامة وعزم اجتماعي ، ومن دون