أيضاً عامل على الإستهزاء والسخرية بالآخرين عند هؤلاء الغافلين.
القرآن الكريم يردّ على هؤلاء ويقول : (كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِى الْحُطَمَةِ). كلّا ، ليس الأمر كما يتصور ، فسرعان ما يقذف باحتقار وذلّة في نار محطّمة (وَمَا أَدْرَيكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفِدَةِ).
«لينبذنّ : من نبذ ، أي رمي الشيء لتفاهة قيمته.
أي إنّ الله سبحانه يرمي هؤلاء المغرورين المتعالين يوم القيامة في نار جهنم كموجودات تافهة لا قيمة لها ، ليروا نتيجة كبرهم وغرورهم.
«الحطمة : صيغة مبالغة من حطّم أي هشّم. وهذا يعني أنّ نار جهنم تهشّم أعضاء هؤلاء.
عبارة نار الله دليل على عظمة هذه النار ؛ والموقدة تعني استعارها المستمر.
والعجيب أنّ هذه النار ليست مثل نار الدنيا التي تحرق الجلد أوّلاً ثم تنفذ إلى الداخل ، بل هي تبعث بلهبها أوّلاً إلى القلب ، وتحرق الداخل وتبدأ أوّلاً بالقلب ثم بما يحيطه ، ثم تنفذ إلى الخارج.
لماذا لا تكون كذلك ، وقلوب هؤلاء الطاغين مركز للكفر والكبر والغرور ، وبؤرة حبّ الدنيا والثروة والمال؟!
إنّهم في هذه الدنيا احرقوا قلوب المؤمنين بسخريتهم وهمزهم ولمزهم؟! العدالة الإلهية تقتضي أن يرى هؤلاء جزاء يشبه أعمالهم.
الآيات الأخيرة من السورة تقول : (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ).
ومؤصدة : من الإيصاد ، بمعنى الأحكام في غلق الباب.
هؤلاء يقبعون في غرف تعذيب مغلقة الأبواب لا طريق للخلاص منها ، كما كانوا يجمعون أموالهم في الخزانات المغلقة الموصدة.
جمع من المفسرين قال : إنّها الأوتاد الحديدية العظيمة التي تغلق بها أبواب جهنم حتى لم يعد هناك طريق للخروج منها أبداً ، وهي بذلك تأكيد على الآية السابقة التي تقول : (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ).
|
نهاية تفسير سورة الهمزة |
* * *