السورة نزلت لتردّ على هؤلاء الأعداء بشكل إعجازي ولتقول لهم : إنّ عدوّ الرسول هو الأبتر ، وأنّ الرسالة سوف تستمر وتتواصل وهذه البشرى بددت من جهة آمال الأعداء وطيبت خاطر النبي صلىاللهعليهوآله بعد أن اغتم من لمز الأعداء وتآمرهم.
فضيلة تلاوة السورة : في المجمع ابي بن كعب عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من قرأها سقاه الله من أنهار الجنة ، واعطي من الأجر بعدد كل قربان قربه العباد في يوم عيد ، ويقربون من أهل الكتاب والمشركين.
اسم هذه السورة (الكوثر) مأخوذة من أوّل آية فيها.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (٣)
أعطيناك الخير العميم : الحديث في كل هذه السورة موجّه إلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله (مثل سورة الضّحى ، وسورة الشرح) ، وأحد أهداف هذه السور تسلية قلب النبي إزاء ركام الأحداث المؤلمة وطعون الأعداء. تقول له أوّلاً : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ).
والكوثر : من الكثرة ، وبمعنى الخير الكثير ، ويسمى الفرد السخي كوثراً. وفي معنى الكوثر : في المجمع : قال ابن عباس : لما نزلت (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) صعد رسول الله صلىاللهعليهوآله المنبر ، فقرأها على الناس ، فلما نزل قالوا : يا رسول الله! ما هذا الذي أعطاك الله؟ قال : نهر في الجنة ، أشدّ بياضاً من اللبن ، وأشدّ استقامة من القدح ، حافتاه قباب الدرّ والياقوت.
وقيل : هو النبوّة والكتاب ، وقيل : هو القرآن. وقيل : هو كثرة الأصحاب والأشياع. وقيل : هو كثرة النسل والذرّية ، وقد ظهرت الكثرة في نسله من ولد فاطمة عليهاالسلام ، حتى لا يحصى عددهم ، واتصل إلى يوم القيامة مددهم. وقيل هو الشفاعة. رووه عن الصادق عليهالسلام.
ولكن هذه التفاسير تبيّن غالباً المصاديق البارزة لمعناها الواسع وهو الخير الكثير.
إنّ كل الهبات الإلهية لرسول الله صلىاللهعليهوآله في كل المجالات تدخل في إطار هذا الخير الكثير ، ومن ذلك انتصاراته على الأعداء في الغزوات ، بل حتى علماء امّته الذين يحملون مشعل الإسلام والقرآن في كل زمان ومكان.
ولا ننسي أنّ كلام الله سبحانه تعالى لنبيّه في هذه السورة كان قبل ظهور الخير الكثير ،