فهو إخبار بالمستقبل القريب والبعيد ، إخبار إعجازي يشكل دليلاً آخر على صدق دعوة الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآله.
هذا الخير الكثير يستوجب شكراً عظيماً ، وإن كان المخلوق لا يستطيع أداء حق نعمة الخالق أبداً ، إذ إنّ توفيق الشكر نعمة اخرى منه سبحانه ، ولذا يقول سبحانه لنبيّه : (فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ).
نعم ، واهب النعم هو سبحانه. لذلك ليس ثمّة معنى للعبادات إن كانت لغيره.
والأمر بالصلاة والنحر للربّ مقابل ما كان يفعله المشركون من سجودهم للأصنام ونحرهم لها ، بينما كانوا يرون نعمهم من الله. وتعبير (لربّك) دليل واضح على وجوب قصد القربة في العبادات.
وفي آخر آية يقول الله سبحانه لنبيّه ردّاً على ما وَصَمه به المشركون : (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ). الشانيء : هو المعادي من الشنان ـ على وزن ضربان ـ وهو العداء والحقد.
وأبتر : في الأصل هو الحيوان المقطوع الذنب. وصدر هذا التعبير من أعداء الإسلام لإنتهاك الحرمة والإهانة. وكلمة (شانيء) فيها ايحاء بأنّ عدوك لا يراعي أيّة حرمة ولا يلتزم بأي أدب. أي أنّ عداوته مقرونة بالفظاظة والدناءة. والقرآن يقول لهؤلاء الأعداء في الواقع : إنّكم أنتم تحملون صفة الأبتر لا رسول الله.
بحث
فاطمة عليهاالسلام والكوثر : قلنا إنّ الكوثر له معنى واسع يشمل كل خير وهبه الله لنبيّه صلىاللهعليهوآله ، ومصاديقه كثيرة ، لكن كثيراً من علماء الشيعة ذهبوا إلى أنّ فاطمة الزهراء عليهاالسلام من أوضح مصاديق الكوثر ، لأنّ رواية سبب النزول تقول : إنّ المشركين وصموا النبي بالأبتر ، أي بالشخص المعدوم العقب ، وجاءت الآية لتقول : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ).
ومن هنا نستنتج أنّ الخير الكثير أو الكوثر هو فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، لأنّ نسل الرسول صلىاللهعليهوآله انتشر في العالم بواسطة هذه البنت الكريمة ... وذرّيّة الرسول صلىاللهعليهوآله من فاطمة عليهاالسلام لم يكونوا امتداداً جسمياً للرسول فحسب ، بل كانوا امتداداً رسالياً صانوا الإسلام وضحوا من أجل المحافظة عليه وكان منهم أئمّة الدين الإثني عشر ، أو الخلفاء الإثني عشر بعد النبي كما أخبر عنهم رسول الله صلىاللهعليهوآله في الأحاديث المتواترة بين السنّة والشيعة.
والفخر الرازي في استعراضه لتفاسير معنى الكوثر ، يقول :