(فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٩٦)
مصير الصالحين والطالحين : هذه الآيات نوع من الخلاصة للآيات الاولى والأخيرة من هذه السورة ، كما أنّها تجسّد حالة التفاوت بين البشر في حالة الاحتضار ، وكيف أنّ قسماً منهم يلفظون أنفاسهم بهدوء وراحة في تلك اللحظات الصعبة ، وآخرين تلوح لهم من بعيد النار الحامية ، ويسيطر عليهم الخوف والاضطراب والهلع فيلفظون أنفاسهم بصعوبة بالغة.
يقول سبحانه في البداية : (فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ).
«روح : على وزن (قول) في الأصل بمعنى التنفّس ؛ والريحان : بمعنى النبات أو الشيء ذي العطر ، ثم اصطلح على كل شيء باعث للحياة والراحة ، كما أنّ الريحان يطلق على كل نعمة ورزق كريم. وبناءً على هذا فإنّ الروح إشارة إلى كل الامور التي تخلّص الإنسان من الصعوبات ليتنفّس براحة ، وأمّا الريحان فإنّه إشارة إلى الهبات والنعم التي تعود إلى الإنسان بعد إزالة العوائق.
والجدير بالملاحظة أنّ الحديث عن جنّة النعيم جاء بعد ذكر الروح والريحان وقد يستفاد من هذا أنّ الروح والريحان يكون من نصيب المؤمنين في الإحتضار والقبر والبرزخ ، وأمّا الجنة ففي الآخرة. في الأمالي للصدوق عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : (فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ) يعني في قبره ، وجنّة نعيم يعني في الآخرة.
ثم يضيف سبحانه : (وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ). وهم تلك الثلّة الصالحة من الرجال والنساء الذين يستلمون صحيفة أعمالهم بيدهم اليمنى كعلامة للفوز والنصر والنجاح (فَسَلمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ).
وبهذا الترتيب فإنّ ملائكة الله المختصّين بقبض الروح في لحظات الإنتقال من هذه الدنيا يوصلون سلام أصحاب اليمين إلى المحتضر. كما قال تعالى ـ في الآية (٢٦) من نفس السورة ـ في وصف أهل الجنة وكلامهم : (إِلَّا قِيلاً سَلمًا سَلمًا).