عنده ، كما نصت على ذلك الآية السابقة ، فتكون الآيات المتقدمة والفقرة الأخيرة من هذه الآية مخصصة للعموم المستفاد من صدرها الظاهر في وجوب قتالهم أينما كانوا وفي أي زمان كان ، وقد دلت الآية الكريمة على أن الفتنة التي تحصل من شركهم وبقائهم على الكفر أعظم من قتالهم في الأشهر الحرم ، لأن الشرك بالله فتنة لا يمكن التغاضي عنها. وقد تطغى مفاسده على جميع القيم الإنسانية التي نادى بها الإسلام واكدها القرآن.
وقد جاء في الآية ١٩٣ : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ). أي حتى لا يكون الشرك ويظهر الإسلام على الأديان كلها وتضعف دولة الكافرين والمشركين كما عن ابن عباس ومجاهد وجعفر بن محمد الصادق (ع).
أما إذا دخل المشركون في الإسلام ، وآمنوا بالله ورسوله ، فقتالهم عدوان لا يقره الإسلام بحال ابدا ، ومن مجموع ما ورد في الكتاب الكريم من الآيات حول الجهاد والقتال ، نستطيع أن نقول إن الإسلام لم يتخذ القتال والجهاد كمبدأ عام لا بد منه على المسلمين ، بل كل ما يمكن القول به هو أنه أباحه أو فرضه على الرسول لرد عدوان المشركين (، حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) ، ان المبدأ العام الذي اتخذه الرسول أساسا لدعوته هي الحكمة والموعظة الحسنة قال سبحانه : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ولم يخرج عن هذا المبدأ إلا لظروف خاصة فرضت عليه لرد كيدهم وعدوانهم وحتى لا يطغى الشرك على التوحيد ، والكفر على الإسلام