ومن أجل ذلك كان الخلاف بين علماء المسلمين في وقت الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وسنشير إلى آرائهم حول هذه الناحية ، والكتاب الكريم قد وضع مبادئ التشريع في كل ما فرضه الإسلام ، وترك تفاصيل تلك المبادئ وكيفيتها وكميتها الى الرسول (ص) ، قال سبحانه : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(١) ، وكما فرض القرآن على الرسول ان يبين للناس ما نزل إليهم ، فرض عليهم ان لا يفرقوا بين ما يجيء به الرسول وما جاء به القرآن لأنه (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ، فقال موجها خطابه الى جميع المسلمين ، (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(٢) فكل ما جاء به الرسول من أوامر ونواهي لا يفرق بينها وبين أوامر الكتاب ونواهيه ، وقد بين الرسول الى الناس ما أجمله القرآن أي ما ورد مجملا في آياته من الواجبات والمحرمات والمباحث ، فتمت بذلك الحجة وانقطعت المعذرة ، فليس لأحد ان يقول بعد ذاك (لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى).
ولا يهمنا الآن أن نتوسع في هذه الناحية ، وانما الذي لا بد منه هو الإشارة الى بعض الآيات التي تنص على انها مفروضة على المسلمين في جميع حالاتهم وان اختلفت كيفيتها باختلاف حالات المكلفين.
الآيات التي تنص على تشريع الصلاة :
قال سبحانه : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ
__________________
(١) سورة النحل.
(٢) سورة الحشر.