تعدد الزوجات :
ولقد حاول بعض الكتاب انتصارا للحاقدين على الإسلام أن يتأول هذه الآية بما يتفق مع نزعاتهم وأهوائهم ، وانتهى به تفكيره إلى حرمة التعدد بنص القرآن ، محتجا لذلك بأن الآية التي أباحت التعدد ليس فيها ما يدل على الإباحة المطلقة ، وإنما الذي جاء فيها هو الإباحة على أن يعدل بين زوجاته. والآية التي وردت بعدها نصت على أن العدل غير مستطاع لأحد من الناس. قال سبحانه : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ ، وَلَوْ حَرَصْتُمْ). ونتيجة ذلك عدم جوز التعدد لانتفاء شرطه. ولكن هؤلاء تضليلا منهم أو جهلا بما أريد من العدل الذي نصت الآية على أنه غير مستطاع لأحد من الناس هؤلاء قد أيدوا أعداء الإسلام بحجة انهم يغارون على حقوق المرأة وحريتها. وقد فاتهم أن العدل الذي اعتبره القرآن شرطا اساسيا لإباحة التعدد ليس هو المساواة من جميع الجهات ، حتى في ميل القلب واتجاه النفس ، وانما هو المساواة في الإنفاق والرعاية وغير ذلك مما تحتاجه الزوجة. وأما ميل القلب واتجاه النفس فليسا مما يملكهما الإنسان ، فلا يتعلق بهما التكليف لأنه لا يتعلق إلا بما هو مقدور ومستطاع ، والعدل الذي نفته الآية الثانية فهو بمعناه العام الشامل لهذه الحالة ، وهو بهذا المعنى ليس شرطا لإباحة التعدد. وإنما الذي وقع شرطا فيها هو المساواة في الإنفاق والرعاية وغيرهما مما تحتاج إليه الزوجة مع زوجها ، وكونه بجميع مراحله غير مستطاع لا ينافي أن يكون مستطاعا ببعض مراتبه.
والذي يدل على ان المراد من العدل الذي لا بد منه هو بعض مراتبه قوله سبحانه في آخر الآية (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ). وكان النبي (ص) بصفته أحد المكلفين يسوي بين نسائه في القسم