اثر المنع من تدوين الحديث والفقه
على التشريع الإسلامي
ذكرنا في الفصل السابق ان جماعة من وجوه الصحابة أشاروا على الخليفة بتدوين الحديث وجمعه في كتاب خاص ، كما جمعوا الألواح والرقاع التي كتب عليها آيات القرآن. ولكن الخليفة الثاني رأى ان ذلك قد يؤدي بالمسلمين الى التشاغل بالحديث وهجر القرآن ، كما فعل اليهود والنصارى ، فمنع من تدوينه. واستمر المسلمون زمنا طويلا يعتمدون في نقل الحديث على ما سمعوه من الرسول أو صحابته ، من غير ان يدونوا منه شيئا ما ، حسب ما يزعم المحدثون من أهل السنة. مع ان الحاجة اليه لم تكن بأقل من الحاجة الى الكتاب الكريم من ناحية التشريع ، لأنه الأصل الثاني للأحكام ومرجعه الوحيد بعد كتاب الله. والمسلمون لم يكونوا طرازا واحدا في الفقه والعلم والحفظ ولا نمطا متشابها في الفهم والتفكير ، بل كانوا في ذلك على طبقات ودرجات من حيث عملهم وضبطهم ودينهم ، شأن الناس في جميع الأدوار.