تدوين الحديث والفقه في عهد التابعين
لقد ذكرنا في الفصول السابقة ، أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، قد منع من تدوين الحديث لأسباب ، أهمها بنظره ، انصراف المسلمين عن كتاب الله الى كتب الحديث كما حديث لأمم قد خلت من قبلهم. وقد ذكرنا أن هذا التدبير ، قد أحدث آثارا سيئة على الفقه والحديث وعلى المسلمين بصورة عامة. وقد فتح الباب في وجه جماعة ممن دخلوا الإسلام للكيد له بالدس في تعاليمه وأصوله ، وانتشروا في الأقطار الإسلامية يحدثون عن الرسول ، بما تمليه عليهم الأهواء ومصالح الساسة من الأمويين ، واختلط بسبب ذلك الصحيح بالفاسد.
وكان من أسباب الخلاف بين المسلمين عدم وثوق بعضهم بكل ما ينسب للرسول. ولو أنه نزل عند رغبة جمهور الصحابة ، الذين أشاروا عليه بتدوين الحديث وجمعه ، كما جمعت آيات الكتاب من الألواح وصدور الحفاظ ، لما اتسع المجال لأبي هريرة وأمثاله ، ولسمرة بن جندب والكثيرين ممن حذا حذوهما ، وباع دينه وضميره بدنانير الأمويين وموائدهم السخية بأنواع الطعام الشهي. وقد ذكرنا ما كان من هؤلاء بصورة مفصلة في الفصول السابقة ، كما أشرنا في فصل خاص ،