أنباء هذه الكتب ، مع ان عمر بن الخطاب نفسه هو الذي حارب فكرة التدوين ، كما أجمع على ذلك المحدثون.
الصحيفة الصادقة :
لقد استطرد الدكتور محمد يوسف في حديثه عن التدوين بصورة إفرادية ، منذ فجر الإسلام ، حتى انتهى الى نبأ الصحيفة الصادقة ، المنسوبة الى عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : ان عبد الله هذا قد استأذن النبي (ص) ان يكتب عنه في حال الرضا والغضب ، فأذن له. وأن مجاهدا دخل على عبد الله ، فتناول هذه الصحيفة فتمنع عليه ، فقال : أتمنعني عن كتبك؟ فقال : ان هذه الصحيفة الصادقة ، التي سمعتها من الرسول ، ليس بيني وبينه أحد ، فإذا سلم لي كتاب الله وسلمت لي هذه الصحيفة (والوهط) (١) ، لا أبالي ما صنعت الدنيا (٢).
وبعد أن نقل نبأ هذه الصحيفة التي كتبها عبد الله بإذن من النبي في حالتي الرضا والغضب ، انتهى الى أن هذه الصحيفة لا تختص بالفقه ، لأن صاحبها لا يبالي ما صنعت الدنيا ، إذا سلمت له الصحيفة وأرض كان يستغلها. فلا بد وأن يكون فيها كل ما يحتاجه من أمور الدين والدنيا. كما انتهى الى نتيجة أخرى ، هي أن هذه الصحيفة قد جمعت من الحلال والحرام مسائل كثيرة ، تكفيه مع كتاب الله في معرفة الحلال والحرام. وان عبد الله كان يرى أن الفقه من خير ما
__________________
(١) الوهط : أرض كان يزرعها.
(٢) تاريخ الفقه الإسلامي ، عن ابن عساكر في تاريخه ، كما نقل ذلك في الاضواء ، عن مصادر أهل السنة. والسنة قبل التدوين الى محمد عجاج الخطيب.