يعطاه الإنسان. ومن جميع ذلك ينتهي إلى القول انه كان في عصر الرسول شيء ، وربما كان كثيرا ، من مسائل الفقه وأحكامه ، قد كتب فعلا في فجر الإسلام (١).
وإذا أردنا أن نقارن بين ما ذكره هنا وما ذكره سابقا في حديثه عن عدم تدوين الحديث والفقه في عصر الصحابة ، والأسباب التي من أجلها امتنع المسلمون في فجر الإسلام من تدوين الحديث ، نرى أنه قد تراجع عن رأيه السابق.
ومهما كان الحال ، فنحن لا نمنع من أن التدوين كان منذ فجر الإسلام. ولدينا من المصادر الموثوق بها ، ما يؤيد هذا الرأي ، وإن كانت مصادر إخواننا أهل السنة لم تذكر للشيعة شيئا يذكر ، بالنسبة لما ذكرته المصادر الشيعية. وفيما سبق ، قد ذكرنا عند الكلام على تدوين السنة ، الأسباب التي منعت من طهور آثار علي وشيعته ، وما كتبوه في الفقه والحديث وما صدر عنهم من أحكام وفتاوى ، منذ الأيام الاولى لوفاة الرسول.
ونعود هنا لنؤكد ما ذكرناه سابقا ، بما قاله الأستاذ (محمد أبو زهرة) في كتابه الامام الصادق (ع) قال : وانه يجب علينا ان نقرر هنا ان فقه علي وفتاويه وأقضيته لم ترد في كتب السنة ، بالقدر الذي يتفق مع مدة خلافته ، ولا مع المدة التي كان منصرفا فيها الى الدرس والإفتاء في مدة الراشدين قبله.
وقد كانت حياته كلها للفقه وعلم الدين وكان أكثر الصحابة اتصالا برسول الله (ص) ، فقد رافق الرسول وهو صبي قبل أن
__________________
(١) تاريخ الفقه (ص ١٨٦).