من الرحى. لقد صارح أبا بكر بذلك ليكشف له وللملأ من حوله أنه إن طالب بحقه فذاك لمصلحة الاسلام وإن تغاضى فلمصلحة الاسلام ايضا وعليهم أن يتحملوا مسؤولية ذلك عند الله سبحانه.
لقد مضى معهم حيطة منه على الاسلام ، وانصرف عن دنيا الخلافة يشرح لهم غوامض الاسلام ويحل مشكلاته ويرسي قواعده في نفوسهم. وقد غاب بانيه بالأمس ، وأحكامه ومبادئه لم تزل بعيدة عن أذهان الكثير منهم. وبعد ان وجدوا فيه وهو سليل الهاشميين وتلميذ الرسول الأعظم مشعلا من ذلك النور وتراث الاسلام الروحي كاملا في شخصه الكريم ، التفوا حوله يضيء لهم انحاء حياتهم الروحية والمدنية ويحل لهم مشاكلهم كلما تشعبت او اصابها تعقيد والقى على التشريع الاسلامي وجميع مشاكل الحياة وأصول القضاء أضواء لامعة حتى قال فيه عمر بن الخطاب : «لا بقيت لمعضلة ليس لها ابو الحسن».
اختصاص اسم الشيعة بالموالين لعلي وبدء التشيع :
لقد سبق منا أن الرسول هو الذي بذر التشيع لعلي (ع) وكان حريصا على نمو تلك البذرة. ففي كثير من مواقفه ولمناسبات كثيرة كان يلمح تارة ويصرح اخرى بما لعلي من المكانة الرفيعة والمواقف التي ساعدت في بناء هذا الدين وتركيز دعائمه. ولم يزل على ذلك حتى لفظ نفسه الأخير ، وقد سمى أولياءه بالشيعة ووعدهم بحسن المصير يوم القيامة ، كما جاء في كثير من الأحاديث. ففي ربيع الأبرار (١) عن النبي (ص) أنه قال : «يا علي إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة الله وأخذت انت بحجزتي وأخذ ولدك بحجزتك وأخذ شيعة ولدك بحجزتهم ،
__________________
(١) للزمخشري.