وقد اتسعت حاجة الناس الى حملة العلم وحفاظ الحديث باتساع الدولة الإسلامية ، بعد ان غزا الإسلام جزءا كبيرا من العالم ، وبعد ان انتقل المسلمون من دور تغلب عليه البداوة ، الى دور تغلب عليه الحضارة والنعيم والعمران ، بسبب اتصالهم بالأمم التي غزاها الإسلام وامتزاجهم بها. فكان من الطبيعي ، وقد انتقلوا من حياتهم الأولى ، حياة البداوة والبساطة ، أن تتضاعف حاجتهم الى الفقه ومعرفة الحلال والحرام وأحاديث الرسول ، وتفهم آيات القرآن لتطبيق تصرفاتهم على قواعد الدين وأصوله ، لا سيما وان الدين هو قانون الدولة ، وفي ضمن حدوده يجب ان تعمل الأمة في جميع نواحي الحياة ومراحل تطورها.
وقد وجد المسلمون ، ومن بينهم الفقهاء والمحدثون ، منفسا للخروج من الحجاز ، بسبب الفتوحات الإسلامية والغزوات والحروب ، فانتشر حملة الفقه والحديث في جميع الأقطار التي غزاها الإسلام ، والتي لا تزال في بداية عهدها بالدين الجديد ، ليعلموا الناس أصول الدين وفروعه. ووجد المسلمون الجدد أنفسهم مضطرين إلى معرفة أحكام الإسلام ، لأنها نظام الدولة ، وعلى أساسها يجب أن يسير الناس في كل شؤونهم ، فرجعوا الى من هاجر إليهم من عاصمة الإسلام ، فكان من آثار ذلك ان كثر المحدثون عن الرسول وانتشر الحديث المنسوب اليه ، واستغل فريق ممن سكن المدينة ورأى الرسول تقدير الجماهير له وتقديسهم لحديثه ، فرووا عنه ما أرادوا ، بدافع الكيد للإسلام والتشويه لأصوله وتعاليمه ، فكانت الفوضى التي لا بدّ منها في مثل هذه الظروف ، بعد ان كان أمر الحديث موكولا الى الحفاظ وحدهم ، وليس عليهم من رقيب سوى دينهم وضمائرهم.
ولم يكن أحد من فقهاء الصحابة ورواه السنة يحسبون ما سيؤول