سبيل التبادل كما هو مختار المشهور فى بحث المطلق والمقيد فانه بناء على ذلك يتجه الاجتزاء بالمرة لانطباق الطبيعة المطلوبة حينئذ على اول الوجود ، واما بناء على التحقيق الذى اختاره سلطان المحققين ، من ان المطلق موضوع للماهية المهلة التى تقبل الانطباق على القليل والكثير ، فلا يكون فيها حينئذ دلالة على الاجتزاء بالمرة كما كان ذلك بناء على مذهب المشهور ، فيحتاج فى الاجتزاء بها الى الاستعانة بمقدمات الحكمة ، وهى كما تجرى فى المتعلق الذى هو المادة ، كذلك تجرى فى الطلب الذى هو مدلول الهيئة ، ومقتضى جريانها فى كل منهما التعاكس ، اذ هى ان جرت فى المتعلق دلت على جواز الاقتصار بالمرة ، وان جرت فى الطلب دلت على التكرار ، اذ المرة تحديد لدائرة الطلب يفتقر الى بيان من الحكيم ولا بيان.
وهذا بخلاف جريانها فى المادة المتعلق بها الطلب ، اذ الماهية بما هى هى صالحة للانطباق على اول الوجود وصادقة عليه فيجتزى بالمرة الواحدة فى انطباق المطلوب عليها ، فجاء التنافى من ملاحظة اقتضاء القرينة العقلية الجارية فى جانبى الطلب والمطلوب.
فينقدح من ذلك الاشكال فى كلامهم بأن القول بمطلوبية الطبيعة ، يقتضى الاجتزاء بالمرة ، بل الاجمال الناشى من قضية تعاكس مقدمات الحكمة الجارية فى كل واحد من مدلولى الهيئة والمادة يقتضى بالتوقف بالنظر الى الدليل الاجتهادى لا الجزم بمراعاة اطلاق المادة ، كما يقتضيه كلامهم هذا.
وربما يوجه كلامهم ذلك بأن مراعاة اطلاق المادة ، اولى بالتقديم من جانب الهيئة ، اذ المادة فى المعنى موضوع للحكم الطلبى وهو مقدم على حكمه طبعا ، فيختص جريان المقدمات فى الموضوع نفسه قبل الحكم.