فصل الغين والراء
غ ر ب :
قوله تعالى : (وَغَرابِيبُ سُودٌ)(١) أي شديدة السّواد. قيل : وأصله سود غرابيب ، فقدّمت الصفة على موصوفها ، وبه استدلّ الكوفيون على ذلك. وتأوّله البصريون على البدل. وله موضع قد أوضحناه فيه. والمفرد غربيب. يقال : أسود غربيب (وحالك حالك نحو : أحمر قان ، واشتقاقه من الغراب لشدّة سواده. يقال : هو أسود) (٢) من حلك الغراب. والغراب مأخوذ من الغربة. وأصل الغربة البعد. ومنه الغريب لبعده عن وطنه. وهي صعبة شاقّة ، ولذلك عاقب بها الشارع في الزّنى ؛ غرّب الحرّ عاما والعبد نصفه (٣). وما أحسن قوله! : [من البسيط]
إنّ الغريب الطويل الذيل ممتهن |
|
فكيف حال غريب ماله قوت؟ |
فقيل : له : غراب لإبعاده في المذهب. ومنه قيل لكلّ متباعد غريب ، ولكلّ قليل النّظير في جنسه غريب. ومن ثمّ قيل للعلماء غرباء بالنسبة إلى قلة نظرائهم. وقيل للدّلو غربا لتصور بعدها وذهابها في قعر البئر ، وهي أخصّ من الدّلو كالذّنوب كما تقدّم. وفي الحديث : «فاستحالت غربا» (٤) أي دلوا عظيما ، وهو مثل لكثرة ما فتح على يد عمر رضي الله عنه. «وأصابه سهم غرب» (٥) لا يدرى من أين جاء؟ والمشهور سكون عينه. ونقل الهرويّ فيه الفتح (وقال : إنّ سماعه من الأزهريّ بالفتح) (٦) لا غير. ونقل عن أبي زيد أنّ
__________________
(١) ٢٧ / فاطر : ٣٥.
(٢) ما بين قوسين من م ، وفيه : حالك وحالك ، فأسقطنا الواو.
(٣) وفي النهاية : ٣ / ٣٤٩ : «إنه أمر بتغريب الزاني سنة».
(٤) النهاية : ٣ / ٣٤٩.
(٥) النهاية : ٣ / ٣٥٠.
(٦) ما بين قوسين من م.