فصل الفاء والكاف
ف ك ر :
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ)(١). الفكر : قوة نظريّة للعلم إلى المعلوم. والتفكّر جولان (٢) تلك القوة بحسب نظر العقل ، وذلك يختصّ من الحيوان بالإنسان ، ولا يمكن أن يقال إلا لما يحصل له صورة في القلب إذ كان منها عن اتّصاف بالصورة. وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ)(٣) وذلك ممكن لا محالة ، وقد دلّ على ذلك قوله تعالى : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)(٤). وقال بعض أهل الأدب : الفكر مقلوب من الفرك ، لكن يستعمل في المعاني وهو فرك الأمور وبحثها طلبا للوصول إلى حقيقتها.
ف ك ك :
قوله تعالى : (فَكُّ رَقَبَةٍ)(٥) أي خلاص. والفكّ : الخلاص والتخليص : ومنه فكّ الرّهن وهو تخليصه من تعلّق حقّ المرتهن ، ولذلك يقال : علق الرهن ضدّ انفكّ. وفي معنى الآية قولان : أحدهما ـ وهو المشهور ـ أنه عتق الرقاب [من المماليك. والثاني أن المعنى ينقذ نفسه من الهلكة بالكلم الطيب](٦) والعمل الصالح. ولذلك ورد : مشتر نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها. وقيل : هي إعانة المكاتب. ويؤيد ذلك أنه قد ورد في الحديث : «أعتق النّسمة وفكّ الرقبة» (٧) أي يعين في عتقها. قيل : أو ليسا واحدا. قال لا ، عتق النسمة أن ينفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن يعنى في عتقها.
__________________
(١) ١٨٤ / الأعراف : ٧.
(٢) في الأصل : ضربان ، ولعلها كما أثبتناه.
(٣) ٨ / الروم : ٣٠.
(٤) ٢١ / الذاريات : ٥١.
(٥) ١٣ / البلد : ٩٠.
(٦) ساقط من ح وس ، والإضافة من د.
(٧) النهاية : ٣ / ٤٦٥.