فصل القاف والنون
ق ن ت :
قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ)(١). القنوت : قيل السكوت. وفي الحديث : كان الرجل منا يكلّم صاحبه في الصلاة حتى نزلت (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فنهينا عن الكلام وأمرنا بالسكوت (٢). وقيل : هو الطاعة ، ومنه قوله تعالى : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ)(٣) أي مطيعون. قال الهرويّ : معنى الطاعة أن كلّ من في السماوات والأرض مخلوقون كما أراد الله عزوجل ؛ لا يقدر واحد على تغيير الصورة. وآثار الصنعة دالّة على أنّ الطاعة هي طاعة الإرادة والمشيئة ، وليست طاعة العبادة. قلت : مراده بذلك الجواب عن اعتراض مقدّر وهو أنّا نجد كثيرا من الخلق عاصين غير مطيعين. والخبر من الله صدق قطعا ، وقيل : القنوت لزوم الطاعة مع الخضوع. قال الراغب (٤) : وبكلّ واحد منهما فسّر قوله تعالى : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) قيل : خاضعون ، وقيل : طائعون ، وقيل : ساكتون. ولم يعن به كلّ السكوت ، وإنّما عني به ما قال عليهالسلام : «إنّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين إنما هو قرآن وتسبيح» (٥) وعلى هذا قيل : أيّ الصلاة أفضل؟ فقال : طول القنوت أي الاشتغال بالعبادة ورفض كلّ ما سواه. قال تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً)(٦) قلت : ومنه القنوت المشروع في الصّبح ، والتراويح إنما هو الدّعاء المعروف وما يقوم مقامه.
قوله : (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ)(٧) أي أطيعيه أو اعبديه أو اخضعي له ، وكلّها معان
__________________
(١) ٢٣٨ / البقرة : ٢.
(٢) النهاية : ٤ / ١١١ ، والحديث لزيد بن أرقم.
(٣) ١١٦ / البقرة : ٢.
(٤) المفردات : ٤١٣.
(٥) المصدر السابق.
(٦) ١٢٠ / النحل : ١٦.
(٧) ٤٣ / آل عمران : ٣.