فيراه الذئب فيسقط ليأكله. ومنه قيل لكلّ مهلكة مغوّاة. قال : أراد أن تكون مهلكة كإهلاك تلك المغوّاة للذئب. ومثل للعرب : «من حفر مغوّاة أوشك أن يقع فيها».
فصل الغين والياء
غ ي ب :
قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)(١) الغيب : مصدر غاب يغيب ضدّ حضر يحضر. والمراد يؤمنون بأخبار الغيب ، كأخبار البعث والنشور والصّراط والميزان والحوض ، والجنة والنار وعذاب القبر وفتنة منكر ونكير ونحو ذلك ، مما ورد به الكتاب العزيز والسّنة الصحيحة. وقيل : الغيب : مصدر واقع موقع اسم الفاعل ، أي يؤمنون بالغائب مما أخبروا به من نحو ما تقدّم ذكره. وقيل : أصله غيّب بالتشديد فخفّف كميت في ميّت. ولنا فيه كلام مشبع في غير هذا الموضع. وكلّ ما استرعى العين فهو غائب وغيّب وغيب وغاب. وقيل : معناه : يؤمنون بما لا يدخل تحت الحواسّ ولا تقتضيه بداية العقول ، وإنما يعلم بأخبار الصادقين كالأنبياء والرسل والملائكة. وقيل : الغيب : القرآن. وقيل : القدر ، وهو تخصيص إشارة من قائله إلى بعض ما يقتضيه لفظ الغيب. وقيل : معنى (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) متلبّسين بالغيب ، فتتعلق الباء بغير الإيمان أي يؤمنون وهم غائبون عنكم وليسوا كالمنافقين الذين يؤمنون بحضرتكم تقيّة وإحرازا لغنائمكم ، ويكفرون في غيبتكم ، يشهد له : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا)(٢).
قوله : (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ)(٣) أي لا يفعلن في غيبة بعولتهنّ ما يكرهونه في حضورهم. قوله : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)(٤) هو أن تذكر أخاك بما يكرهه من عيب من غير حاجة شرعية ، فإن كان حاجة فلا بأس ، بل ربّما يجب كمشاورة الإنسان في خطبة
__________________
(١) ٣ / البقرة : ٢.
(٢) ١٤ / البقرة : ٢.
(٣) ٣٤ / النساء : ٤.
(٤) ١٢ / الحجرات : ٤٩.