فصل القاف والراء
ق ر أ :
قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)(١) القرآن الكريم هو المنزل من اللوح المحفوظ مع جبريل عليهالسلام على قلب سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم متلوّا وهو كلام الله كلام نفسانيّ قائم بذاته المقدّسة ، محفوظ في الصدور ، متلوّ بالألسنة مكتوب في المصاحف ، و «أل» فيه للعهد. ومنه قيل : هو علم بالغلبة ، واشتقاقه من قرأ ، أي جمع لأنّه مجموع من سور ، والسور من آيات ، والآيات من كلمات ، والكلمات من حروف. وقيل : لأنه جمع فيه القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والتنبيه وغير ذلك من أنواع الخطاب. وفيه لغتان : الهمز وعدمه ، والعامة على الهمز ، وقرأه ابن كثير غير مهموز ، فقيل : أصله الهمز فخفّف بالنّقل. وقيل : بل هو من قرن لأنه قد اقترنت فيه الكلمات والسور والآيات ، أو الوعد والوعيد والأمر والنهيّ حسبما تقدّم.
والقرآن مصدر أيضا ، ومنه (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)(٢)(فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)(٣) أي قراءاته وقال الفقهاء : لو حلف لا يقرأ القرآن لا يحنث إلا بقراءة الجميع. وقال الفقهاء : لو قال قرآنا حنث بما يسمى قرآنا كأنهم جعلوا «أل» للاستغراق. وقال الراغب (٤) : القرآن في الأصل نحو كفران ورجحان ، وقد خصّ بالكتاب المنزّل على محمد صلىاللهعليهوسلم وصار له كالعلم ، كما أنّ التوارة لما أنزل على موسى ، والإنجيل لمّا أنزل على عيسى. وقال بعض العلماء : [ليست] تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين سائر كتب الله المنزّلة لكونه جامعا لثمرة كتبه ، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم كما أشار بقوله : (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ)(٥)(تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(٦).
__________________
(١) ١٨٥ / البقرة : ٢.
(٢) ١٧ / القيامة : ٧٥.
(٣) الآية بعدها.
(٤) المفردات : ٤٠٢.
(٥) ١١١ / يوسف : ١٢.
(٦) ٨٩ / النحل : ١٦.