فلأنّ ذلك يقع موقع المثنى ، كقوله تعالى : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ)(١). فذلك إشارة لقوله : (لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) ، فإن فرّق بالعطف جاز ذلك على قلّة كقول الشاعر (٢) : [من الطويل]
كلا السيف والساق الذي ضربت به |
|
على مهل ألقاه باثنين صاحبه |
وفي إمالتها خلاف بين القراء ، وهي في تأكيد المثنى ككلّ في تأكيد الجمع ، فلا يقال : تقاتل الزيدان كلاهما ، إذ لا يتأتّى ذلك إلا في اثنين. وقد أتقنّا جميع ذلك في غير هذا الموضع ولله الحمد والمنّة.
فصل الكاف والميم
ك م ل :
قوله تعالى : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ)(٣) إي كاملة الأجر ، وقيل : هو على التأكيد ، وقيل : إنّما ذكر العشرة الكاملة ، لا ليعلمنا أنّ السبعة والثلاثة عشرة ، بل ليبين أنّ بحصول صيام العشرة يحصل كمال الصوم القائم مقام الهدي. وقيل : إنّ وصفه العشرة بالكاملة استطراد في الكلام وتنبيه على فضيلة له فيها بين علم العدد ، وأن العشرة أول عقد ينتهي إليه العدد فيكمل ، وما بعده يكون مكرّرا ممّا قبله ، فالعشرة هي العدد الكامل.
والكمال لغة ـ حصول ما فيه الغرض منه ؛ فإذا قيل : كمل معناه ، فمعناه حصول ما هو الغرض منه ، وعليه قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ)(٤) نبّه بذلك على أنها غاية ما يتعلّق به إصلاح الولد.
__________________
(١) ٦٨ / البقرة : ٢.
(٢) من شواهد شرح المفصل : ٣٣ ، وفيه : على دهش. والشاهد فيه إضافة كلا إلى السيف وهو اسم مفرد ، وهي لا تضاف إلا إلى المثنى. وجاز ذلك لأنه عطف على المفرد مفردا آخر فصار كأنه أضافها إلى المثنى.
(٣) ١٩٦ / البقرة : ٢.
(٤) ٢٣٣ / البقرة : ٢.