يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه ، فهو أخصّ من الغضب ؛ فكلّ غيظ غضب وليس كلّ غضب غيظا. قوله تعالى : (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً)(١) أي سمعوا لجهنم غليانا وأزيزا كما يسمع ذلك من غليان القدر. والمعنى سمعوا غليان تغيّظ. وقوله تعالى : (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ)(٢). قال ابن عرفة : أي من شدة الحرّ. والمعنى : تكاد ينفصل بعضها من بعض من شدّة حرّها غيظا على الكافرين.
يقال : تغيظت الهاجرة : إذا اشتدّ حرّها. وأنشد للأخطل : [من الطويل]
لدن غدوة حتى إذا ما تغيظت |
|
هواجر من سفيان حام أصيلها |
وقيل : التغيّظ : إظهار الغيظ ، ثم إنّه قد يكون مع ذلك صوت كقوله تعالى : (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً) ، وقد لا يكون ذلك. قوله : (إِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ)(٣) أي حاملون لنا على الغيظ. وقيل : معناه أنهم داعون بفعلهم إلى أن ينتقم منهم انتقام المغيظ. وإذا وصف به الباري تعالى فالمراد به الانتقام على حدّ وصفه بالغضب كما قدمته. وقد غظته فهو مغيظ. قالت قتيلة بنت الحارث (٤) : [من الطويل]
ما كان ضرّك لو مننت وربّما |
|
منّ الفتى وهو المغيظ المحنق |
في قصيدة تخاطب بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) ١٢ / الفرقان : ٢٥.
(٢) ٨ / الملك : ٦٧.
(٣) ٥٥ / الشعراء : ٢٦.
(٤) البيت من شواهد اللسان ـ مادة حنق ، والنهاية : ١ / ٤٥١. وفيه قتيلة بنت النضر بن الحارث أو أخته. وفي الأصل : الأحمق ، وهو وهم.