إنّ الصحبة شاملة لكلّ من صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو رآه ، أو سمع حديثه.
فهي تشمل المؤمن ، والمنافق ، والعادل ، والفاسق ، والبرّ ، والفاجر ، كما يدّل عليه قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في غزوة تبوك عند ما أخبره جبرئيل بما قاله المنافقون :
إنّ محمدا يخبر بأخبار السّماء ولا يعلم الطريق إلى الماء ، فشكا ذلك إلى سعد بن عبادة فقال له سعد : إن شئت ضربت أعناقهم.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يتحدّث الناس أنّ محمّدا يقتل أصحابه ولكن نحسن صحبتهم ما أقاموا معنا».
فالصحبة إذن لم تكن بمجرّدها عاصمة تلبس صاحبها ابراد العدالة ، وإنّما تختلف منازلهم وتتفاوت درجاتهم بالأعمال.
ولنا في كتاب الله ، وأحاديث رسوله صلىاللهعليهوآله كفاية عن التمحل في الاستدلال على ما نقوله ، والآثار شاهدة على ما نذهب إليه ، من شمول الصحبة وأن فيهم العدول من الّذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، ورسخت أقدامهم في العقيدة ، وجرى الإيمان في عروقهم ، وأخلصوا لله فكانوا بأعلى درجة من الكمال ، وقد وصفهم الله تعالى بقوله : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ، وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(١).
وهم المؤمنون (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا
__________________
(١) سورة الفتح : الآية ٢٩.