الشيعة والصحابة
نحن أمام مشكلة كبرى ، وقف التاريخ أمامها ملجما واختفت الحقيقة فيها وراء ركام من الادعاءات الكاذبة ، والأقوال الفارغة ، فالتوت الطرق الموصلة اليها. كما أثيرت حولها زوابع من المشاكل والملابسات ، ولم تعالج القضيّة بدراسة علميّة ليبدو جوهر المسألة واضحا وتظهر الحقيقة كما هي.
وعلى أيّ حال فقد تولع كثير من المؤرخين بذّم الشيعة ، ونسب أشياء إليهم بدون تثبّت ، فهم يكتبون بدون قيد أو شرط ، ويتقوّلون بدون وازع ديني أو حاجز وجداني ، وقد اتسعت صدور الشيعة لتحمل أقوالهم ، بل تقوّلاتهم كما اتّسعت سلّة المهملات لقبر شخصيّاتهم ، وترفعوا عن المقابلة بالمثل.
وإنّ أهمّ تلك التّهم هي مسألة الصحابة وتكفيرهم (والعياذ بالله) ممّا أوجب أن يحكم عليهم بالكفر والخروج عن الإسلام كما يأتي بيانه.
قال السيد شرف الدين : «إنّ من وقف على رأينا في الصحابة علم أنّه أوسط الآراء إذ لم نفرط فيه تفريط الغلاة الذين كفّروهم جميعا ولا أفرطنا إفراط الجمهور الذين وثقوهم جميعا ، فإن الكاملية ومن كان في الغلوّ على شاكلتهم قالوا : بكفر الصحابة كافة.
وقال أهل السنة بعدالة كلّ فرد ممّن سمع النبيّ أو رآه من المسلمين مطلقا ، واحتجّوا بحديث (كل من دب ، أو درج منهم أجمعين أكتعين).
أمّا نحن فإن الصحبة بمجرّدها وإن كانت عندنا فضيلة جليلة لكنّها بما هي من حيث هي غير عاصمة. فالصحابة كغيرهم من الرجال ، فيهم العدول وهم عظماؤهم وعلماؤهم ، وفيهم البغاة ، وفيهم أهل