الإسلام في سبّ عليّ بن أبي طالب وحزبه. وكذلك مروان ، والوليد الفاسق ، وكذلك الاجتهاد الجامع للشروط في البيعة ليزيد ومن أشار بها ، وسعى فيها ، أو رضيها وما لا يحصى ، والله ما قال قائلهم ذلك نصحا لله ولرسوله ، اللهمّ إلّا مغفّل لا يدري ما يخرج من رأسه ـ قد سلم مقدمات وغذّى لحمه ، وعروقه بالهوى ، والتقليد ، وعوّد جسمه ما اعتاد ، فصار بذلك غذاؤه. ثم أخذ يتجاسر في البناء على ذلك ، كنظائر لها قلّما يخلو منها أحد ، وان اختلفت مكانتها في الدين. غايته أنّ الورع يتحرّز من الرضا بتلك الطوام ، فمن غاب عن المعصية ثم رضيها ، كان كمن حضرها ، والعكس كما صرّح به الحديث النبوي ... ا ه (١)(*).
__________________
(١) ممّن جعلوهم من الصحابة من لمز النبي صلىاللهعليهوسلم في الصدقات ومنهم من آذاه وقال : (هو أذن) ومنهم من اتّخذوا مسجدا ضرارا وتفريقا بين المؤمنين ، ومنهم من كان في قلبه مرض ومنهم : المعوّقون ، ومنهم الذين اعتذروا في غزوة تبوك وكانوا بضعة وثمانين رجلا ، وحلفوا للنبي فقبل منهم علانيتهم فنزل فيهم قوله (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ* يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ).
وفي هذه الغزوة همّ أربعة عشر منافقا أن يفتكوا برسول الله في ظلمات الليل عند عقبة هناك.
ولما انصرف النّبي من هذه الغزوة إلى المدينة كان في الطريق ماء يخرج من وشل بوادي المشقق فقال رسول الله : من سبقنا إلى ذلك الماء فلا يسقين منه شيئا حتى نأتيه. فسبقه إليه نفر من المنافقين واستقوا ما فيه فلما أتاه رسول الله! وقف عليه فلم ير فيه شيئا ، ولمّا علم النّبي بأمر المنافقين قال : أو لم ننههم أن يستقوا منه شيئا حتى نأتيه ثم لعنهم ودعا عليهم.
وبحسبك أن تجد أن في القرآن سورة ، تسمّى سورة المنافقين. وسيأتيك بيان مفصّل عن المنافقين في غزوة تبوك.
وروى البخاري عن زيد بن ثابت : لما خرج النبي إلى أحد رجع ناس من أصحابه فقالت فرقة منهم : نقتلهم وقالت فرقة : لا نقتلهم ، نزلت الآية الكريمة : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا ...) الآية قال الراغب في مفرداته : «أركسهم أي ردّهم إلى كفرهم ـ والكلام في هذا الباب ـ كثير جدا.
(*) أضواء على السنة المحمدية ص ٣٤٤ ـ ٣٥٣.