بعمومها تشمل من امتحن الله قلبه للإيمان ، وأخلص لله ، وجاهد ، وناصر ، ومن رقى درجة الكمال النفساني. فكان مثالا لمكارم الأخلاق ، وهم يخشون الله ، ويمتثلون أوامره ، كما وصفهم الله بقوله :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)(١).
كما أنّها لم تشمل من لم يدخل الإيمان قلبه :
(يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)(٢).
ليت شعري ما هذه العصمة ، أكانت في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أم بعده؟! فإن كانت في حياته فما أكثر الشواهد على نفي ذلك :
أخرج البيهقي بسنده عن أبي عبد الله الأشعري عن أبي الدرداء قال :
قلت : يا رسول الله بلغني أنّك تقول :
ليرتدّن أقوام بعد إيمانهم قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أجل ولست منهم (٣).
ومن الغريب أنّ البعض علّل ذلك بأنّ المراد من هؤلاء المرتدين ، هم الّذين قتلوا عثمان ، وإنّ أبا الدرداء مات قبل قتل عثمان ، وبهذا التوجيه يتوجه الطعن على أكثر الصحابة ، فإنّهم اشتركوا بقتل عثمان ،
__________________
(١) سورة الأنفال : الآيات ٢ ـ ٣ ـ ٤
(٢) سورة الفتح : الآية : ١١.
(٣) تاريخ ابن كثير : ٦ / ١٧٠.