أي ترك موالاة المؤمنين للكافرين حتم لازم في كل حال إلّا في حال الخوف من شيء تتّقونه منهم ، فلكم حينئذ أن تتقوهم بقدر ما يتّقى ذلك الشيء ، إذ القاعدة الشرعية «أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».
وإذا جازت موالاتهم لاتقاء الضّرر فأولى أن تجوز لمنفعة المسلمين ، وإذا فلا مانع من أن تحالف دولة إسلامية دولة غير مسلمة لفائدة تعود إلى الأولى إمّا بدفع ضرر ، أو جلب منفعة ، وليس لها أن تواليها في شيء يضرّ المسلمين ، ولا تختص هذه الموالاة بحال الضعف ، بل هي جائزة في كلّ وقت.
وقد استنبط العلماء من هذه الآية جواز التقية بأن يقول الإنسان أو يفعل من يخالف الحق ، لأجل التوقي من ضرر من الأعداء يعود إلى النفس ، أو العرض ، أو المال.
فمن نطق بكلمة الكفر ، مكرها ، وقاية لنفسه من الهلاك ، وقلبه مطمئن بالإيمان ، لا يكون كافرا ، بل يعذر كما فعل عمار بن ياسر حين أكرهته قريش على الكفر فوافقها مكرها وقلبه مطمئن بالإيمان وفيه نزلت الآية :
(مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ...)
ثم قال المراغي :
ويدخل في التقية مداراة الكفرة ، والظلمة ، والفسقة ، وإلانة الكلام لهم ، والتّبسّم في وجوههم ، وبذل المال لهم ، لكفّ أذاهم ، وصيانة العرض منهم ، ولا يعدّ هذا من الموالاة المنهي عنها بل هو مشروع ؛ فقد أخرج الطبراني قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما وقى به