اعلم إن القرآن معجزة عظيمة على صدق النّبي عليهالسلام ، بل هو أكبر المعجزات وأشهرها. غير أنّ الكلام في إعجازه ، واختلاف الناس فيه ، لا يليق بهذا الكتاب لأنه يتعلّق بالكلام في الأصول. وقد ذكره علماء أهل التوحيد ، وأطنبوا فيه ، واستوفوه غاية الاستيفاء. وقد ذكرنا منه طرفا صالحا في شرح الجمل ، لا يليق بهذا الموضع لأنّ استيفاءه يخرج به عن الغرض ، واختصاره لا يأتي على المطلوب ، فالإحالة عليه أولى.
والمقصود من هذا الكتاب علم معانيه ، وفنون أغراضه.
وأما الكلام في زيادته ، ونقصانه فممّا لا يليق به أيضا لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها. والنقصان منه ، فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصّحيح من مذهبنا وهو الّذي نصره المرتضى رحمهالله (١) وهو الظاهر في الروايات .. ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته ، والتمسك بما فيه ، وردّ ما يرد من اختلاف الأخبار
__________________
(١) هو عليّ بن الحسين الموسوي ولد في (سنة ٣٥٥ ه) وتوفي لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة (٤٣٦ ه) خلّف بعد وفاته ثمانين ألف مجلد من مقروءاته ، ومصنّفاته ، ومحفوظاته. ومن الأموال ، والأملاك ما يتجاوز عن الوصف ، وصنّف كتابا يقال له : الثمانين ، وخلّف من كل شيء ثمانين ، وعمّر إحدى وثمانين سنة. وبلغ في العلم وغيره مرتبة عظيمة.
قلّد نقابة الشرفاء شرقا وغربا ، وإمارة الحاج والحرمين ، والنّظر في المظالم ، وقضاء القضاء وبلغ على ذلك ثلاثين سنة. (الكنى والألقاب للقمي : ٢ / ٤٨٣ طبعة صيدا ـ لبنان).
وقال ابن العماد الحنبلي : كان إماما في التشيّع ، والكلام ، والشعر ، والبلاغة كثير التصانيف متبحّرا في فنون العلم. أخذ عن الشيخ المفيد.
ونقل ابن العماد عن ابن خلكان قال : كان إماما في علم الكلام ، والشعر ، والأدب ، وله تصانيف على مذهب الشيعة ، ومقالة في أصول الدين ، وله : ديوان شعر إذا وصف الطيف أجاد فيه.
(شذرات الذهب : ٣ / ٢٥٦ طبع القاهرة).