غنى ، فاستشفوه من أدوائكم ، واستعينوا به على لأوائكم ...» (١).
ولا ينحصر إعجاز القرآن في كونه في الدرجة العليا من الفصاحة ، والبلاغة ، وسلاسة التركيب ، والتأليف العجيب ، والأسلوب البكر فحسب.
بل هو معجزة أيضا لأنّه حوى أصول الدين ، والدنيا ، وسعادة النشأتين.
ومعجزة لأنّه أنبأ بأخبار حوادث تحققت بعده.
كما أنّه معجزة من وجهة التاريخ ، وبما أنّ فيه من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة ، التي لم يكن لها تاريخ في عصر الرسول (ص) ممّا أثبتت الكشوف الأثرية صحّتها.
ومعجزة لأن فيه أصول علم الحياة ، والصحة ، والوراثة ، وما وراء الطبيعة ، والاقتصاد ، والهندسة ، والزراعة.
ومعجزة من وجهة الاحتجاج.
وإعجاز من وجهة الأخلاق ، و... و... و...
وقد مرّ عليه أربعة عشر قرنا ، ولم يقدر في طول هذه القرون أحد من البلغاء أن يأتي بمثله ، ولن يقدر على ذلك أحد في القرون الآتية ، والأعصار المستقبلة ، ويظهر كل يوم صدق ما أخبر الله تعالى به (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا.)
هذا هو القرآن ، وهو روح الأمة الإسلامية ، وحياتها ، ووجودها ، وقوامها ، ولو لا القرآن لما كان لنا كيان.
هذا القرآن هو كل ما بين الدفتين ليس فيه شيء من كلام البشر
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ : الخطبة ١٧١ مطبعة الاستقامة بمصر.