الفروع الفقهيّة ، والتشريعيّة ، فإن مذاهب المسلمين كلّها سواء في أن للمجتهد أجره ، أخطأ أم أصاب.
وثبوت الأجر له قاطع بداهة في إبعاد الظنّة ، ونفي الريبة أن تناله من قرب ، أو بعد على أن الخطأ العلمي ـ وتلك سماحة الإسلام في تقديره ـ ليس حكرا على مذهب بعينه ، ومن الشطط القول بذلك.
وعند ما ندخل مجال الفقه المقارن ، ونقيس الشقّة الّتي يحدثها الخلاف العلمي بين رأي ورأي. أو بين تصحيح حديث وتضعيفه ، نجد أن المدى بين الشيعة والسنّة كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة ، والمذهب الفقهي لمالك ، أو الشافعي ، أو المدى بين من يعملون بظاهر النّص ومن يأخذون بموضوعه وفحواه ، ونحن نرى الجميع سواء في نشدان الحقيقة وإن اختلفت الأساليب.
ونرى الحصيلة العلمية لهذا الجهد الفقهي جديرة بالحفاوة وإدمان النّظر ، وإحسان الدراسة ، فهي تراث علمي مقدور مشكور ...
وأما إنها قضية إيمان فإنّي لا أحسب ضمير مسلم يرضى بافتعال الخلاف ، وتسعير البغضاء بين أبناء أمة واحدة ، ولو كان ذلك لعلّة قائمة.
فكيف لو لم تكن هناك علّة قط؟.
كيف يرضى المؤمن الصادق الصلة بالله أن تختلق الأسباب اختلافا لإفساد ما بين الأخوة ، وإقامة علائقهم على اصطياد الشبه ، وتجسيم التوافه ، وإطلاق الدعايات الماكرة ، والتغرير بالسذّج والهمل.
هب ذلك يقع فيه امرؤ تعوزه التجربة ، وتنقصه الخبرة ، فكيف تقع فيه أمّة ذاقت الويلات من شؤم الخلاف ، ولم يجد عدوّها ثغرة للنفاذ إلى صميمها إلّا من هذا الخلل المصطنع عن خطأ أو تهوّر ...