الّتي تتحقّق بها مقاصد الشريعة ، وإن كانت لا تخضع كثيرا لقوانين الاستنباط عند أهل السنة.
ومن مؤلفاتهم الّتي تتجلّى فيها تلك الحقائق كتاب : «وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة» فإنه جامع لشتات المسائل من هذا الفن ومؤلفه الحرّ العاملي (١) ممّن جمع مع الفقاهة إجادة التأليف ـ وقد كمل الانتفاع به بانضمام مستدركه : «مستدرك الوسائل» للميرزا حسين النوري فإنّه أرجع أحكامه إلى الأصول ، وأفسح المنهاج به للمتعلّمين والعاملين.
ومع ذلك فالخلاف في الفروع ليس بالشيء الكثير فمن قرأ كتاب : «الانتصار» للسيد المرتضى علم أنّه ما اختلف فيع الشيعة ، وأهل السنّة من الأحكام قليل ، واختلاف الرأي بين العلماء لا يصحّ أن يكون سببا مانعا من العلم بأسرار الاستنباط ، والوقوف على وجهات الأنظار في التخريج والاعتبار ، وليس هو كذلك مباعدا بين العلماء ، ولا موسّعا بهوّة الخلاف.
فإن أهل السنّة فيهم المذاهب الفقهية المتعدّدة ولكنّهم يستفيدون ملكة الفقه بالاطلاع على الكتب التي تختصّ بعلم الخلاف ، والفقه المقارن.
وليس أضرّ على الدين من العصبيّة ، ولا أشدّ فتكا بالعقول والرّجال من سوء الظنّ والأنانيّة.
فالفقه الإسلامي لكلّ المكلّفين شريعة واحدة يتعبّد بها أهل الأمصار على اختلاف الأنظار فيا حبّذا لو تبادل الشيعة ، وأهل السنة ما
__________________
(١) هو : العلّامة الكبير الشيخ محمد بن الحسن بن علي المشهور بالحرّ العاملي. راجع ترجمته في معجم المؤلفين للأستاذ عمر رضا كحالة : ٩ / ٢٠٤ طبع بيروت.