أسوؤها ما يظهر فيه التعصب على مذهب الخصم ، ونبزه بالألقاب.
فترى السنّي مثلا ربّما تحدّث عن الشيعة فيقول :
قال الروافض ، وترى الشيعي كذلك ربّما تحدّث عن السّنة فيقول :
قال : النواصب ، بل ربّما تجد الحنفيّ السنّي يتحدّث عن الشافعيّة السّنيين ، فيقول :
قال الشويفعيّة .. وهكذا ، وما كان هذا النبز ، ولا ذاك من ضرورات الحجاج ، ولا من لوازم الجدال بالتي هي أحسن ، الّذي هو نصيحة القرآن حتّى في شأن المجادلين من أهل الكتاب!.
وأريد أن أقول إن صاحب كتاب : «مجمع البيان» قد استطاع إلى حدّ بعيد أن يغلب إخلاصه للفكرة العلمية على عاطفته المذهبيّة ، فهو وإن كان يهتم ببيان وجهة نظر الشيعة فيما ينفردون به من الأحكام والنظريات الخلافيّة اهتماما يبدو منه أحيانا أثر العاطفة المذهبيّة ؛ فإنّنا لا نراه مسرفا في مجاراة هذه العاطفة ، ولا حاملا على مخالفيه ومخالفي مذهبه.
والواقع أنّه ينبغي لنا أن ننظر إلى هذا المسلك فيما يتصل بأصول المذاهب ومسائلها الجوهرية نظرة هادئة متسامحة ترمي إلى التماس المعذرة ، وتقدير ما يوجبه حق المخالف في أن يدافع عمّا آمن به ، وركن إليه.
فليس من الإنصاف أن نكلّف عالما مؤلفا بحاثة دراكة ، أن يقف من مذهبه ، وفكرته التي آمن بها موقف الفتور ، كأنّها لا تهمّه ، ولا تسيطر على عقله وقلبه ، وكل ما نطلبه ممّن تجرّد للبحث والتأليف