الشيعة في «الأئمة» وهي المرويّة في أخبارهم ، ولكن المؤلف مع هذا لا يعطيها منزلة الأوّلية في الذكر ، ولا الأولوية في الترجيح ، بل يعرضها عرضا روائيا مع غيرها ، ثم يحمل الآية على ما حملها عليه من العموم ، وما أبرعه إذ يقول : «وولاية من أوجب الله طاعته»!
إن الشيعي والسنّي كليهما لا ينبوان عن هذه العبارة ، فكلّ مؤمن يعتقد أنّ هناك من أوجب الله طاعته ، وفي مقدمتهم الرسول وأولو الأمر ، ووجه البراعة في ذلك أن لم يعرض للفصل في مسألة «الولاية» و «الإمامة» هنا ، لأن المقام لا يقتضي هذا الأمر ، ولكنّه مع ذلك أتى بعبارة يرتضيها الجميع ، ولا ينبو عنها أيّ فكر.
على أنّه ـ رحمهالله تعالى ـ متأثر مع ذلك إلى حد ما بما هو ديدن جمهرة المفسّرين من إعطاء أسباب النزول أهمية خاصة ، ذلك الأمر الّذي يتعارض مع مجيء القرآن عاما خالدا شاملا لجميع الصور التي تدل عليها عباراته المنزلة من لدن حكيم خبير ، على ما تقتضيه الدقة والإحكام ، ولكن الإمام الطبرسي لا ينفرد بذلك كما ألمعنا ، وإنّما هو أمر سري إليه ممّن قبله ، وشاركه فيه من بعده ، ولا شك أنّهم لا يقصدون ما قد يفهمه غير الخاصة ، من قصر معاني الآيات على موارد نزولها ، فإن العبرة ـ كما هي القاعدة المقررة ـ بعموم اللّفظ لا بخصوص السبب.
ومؤلف هذا الكتاب رجل بحاثة في مختلف العلوم ، له تصانيف كثيرة تعد بالعشرات ، ومنها ما هو في موضوعات مذهبيّة شيعيّة.
ومما يلفت النّظر أنّه عني بتفسير القرآن الكريم عناية خاصة ، حتى جعلها أكبر همّه ، وأعظم مجال لهمّته ، وقد كانت هذه العناية صادرة عن رغبة نفسيّة ملحّة راودته منذ عهد الشباب ، وريان العيش ، كما يقول في مقدمة كتابه ، وكان كثير التشوق ، شديد التشوّف ، إلى