فرجعت إلى أوّل موضع يظن أنّهم يتلاقيان فيه ، وهو تفسير قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ ، وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.)
فأمّا الإمام الطبرسي في كتابه : «مجمع البيان» فقد تحدّث من ناحية المعنى في موضعين :
أحدهما : معنى (لا يُؤْمِنُونَ) وما يتصل له من بيان عدم التعارض بين العلم الإلهي والتكليف ، لأن العلم يتناول الشي على ما هو به.
الثاني : معنى (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) وبيان الآراء المختلفة فيه ، وقد ذكر أربعة آراء وأيّد الرابع منها وقوّاه بشواهده ، وهذا هو نصّ كلامه في هذا الوجه الرابع ، نورده لنضعه موضع المقارنة مع كلام الزمخشري حتى يتبيّن الفرق بينهما.
قال الطبرسي : «ورابعها : أنّ الله وصف من ذمّه بهذا الكلام بأنّ قلبه ضاق عن النّظر ، والاستدلال فلم ينشرح له ، فهو خلاف من ذكر في قوله : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) ومثل قوله : (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) وقوله : (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ ،) و (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) ويقوي ذلك أن المطبوع على قلبه وصف بقلة الفهم لما يسمع من أجل الطبع فقال : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) وقال :
(وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) ويبيّن ذلك قوله تعالى :
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ ، وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) فعدل الختم على القلوب بأخذه السمع والبصر ، فدل هذا