إنّه إذا كان الأثر الّذي توارثناه عن سلفنا الصّالح قد أكّد ضرورة الحرص على الحق أين وجد.
وأعلن : أن الحكمة ضالّة المؤمن أنّى وجدها التقطها ولو من فم كافر.
وأوضح : أن العاقل لا يعرف الحق بالرّجال ، وإنّما يعرف الحق بالدلائل ، والبراهين ، فإذا عرفه عرّف به أهله.
فقد أصبح لزاما علينا ـ نحن أبناء هذا الجيل ـ أن نحرص على الحقّ ، وأن نأخذ أنفسنا به ، وأن نجنّد أنفسنا للدعوة إليه ، وأن نجتمع حوله : غير ناظرين إلى من دعانا إليه ، وعرفنا به ، اللهمّ إلا نظرة إكبار وإعظام ، وإجلال.
ومن المسلّم به لدى العقلاء أن الأمور الّتي لم يبلغ العلم بها مبلغ اليقين ، تكون ملتقى لوجهات نظر مختلفة.
ومن المسلّم به لديهم أيضا ضرورة احترام كل واحد من الباحثين لوجهة نظر الآخرين في المسائل المتحمّلة لضروب من العراك الفكري ، حتى أنّهم ليختلفون ويكونون في ذات الوقت أصدقاء ، وأحباء ، وأصفياء.
ورحم الله من يقول : «اختلاف الرأي لا يفسد في المودّة قضيّه».
ولقد رفع الإسلام راية السماحة عاليا فقال في كتابه الكريم :
(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ ، وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.)
وإذا كان الإنسان يحب لنفسه أن يستمتع بالحريّة فيقول ويعلن