إنّ المصحف واحد يطبع في القاهرة فيقدّسه الشيعة في النجف أو في طهران ويتداولون نسخه بين أيديهم ، وفي بيوتهم دون أن يخطر ببالهم شيء بتة إلّا توقير الكتاب ومنزله ـ جلّ شأنه ـ ومبلغه صلىاللهعليهوسلم فلم الكذب على الناس ، وعلى الوحي؟ ـ إلى أن يقول : ـ
إنّ الشيعة يؤمنون برسالة محمّد ، ويرون شرف علي في انتمائه إلى هذا الرسول ، وفي استمساكه بسنّته ، وهم كسائر المسلمين لا يرون بشرا في الأوّلين والآخرين أعظم من الصادق الأمين ، ولا أحقّ منه بالاتباع فكيف ينسب لهم هذا الهذر؟!
الواقع ، إنّ الذين يرغبون في تقسيم الأمة طوائف متعادية لمّا لم يجدوا لهذا التقسيم سببا معقولا لجأوا إلى افتعال أسباب الفرقة ، فاتّسع لهم ميدان الكذب حين ضاق أمامهم ميدان الصدق.
لست أنفي أنّ هناك خلافات فقهيّة ، ونظريّة بين الشيعة والسنة ، بعضها قريب الغور ، وبعضها بعيد الغور ، بيد أنّ هذه الخلافات لا تستلزم معشار الخطأ الذي وقع بين الفريقين.
وقد نشب خلاف فقهي ، ونظري بين مذاهب السّنة نفسها بل بين أتباع المذهب الواحد منها ، ومع ذلك فقد حال العقلاء دون تحوّل هذا الخلاف إلى خصام بارد ، أو ساخن (١).
__________________
(١) دفاع عن العقيدة والشريعة ص ٢٢٤ ، ٢٦٥ الطبعة الرابعة بمصر عام ١٣٩٥ ه ـ ١٩٧٥ م.